تشكيل الحكومة العراقية.. استمرار الوهم..

أخيراً، منح مجلس النواب العراقي الثقة لحكومة يحاول أعضاؤها وحلفاؤها ومن خلفهم أسيادهم أن يسموها «حكومة الوحدة الوطنية» بعد استعصاءات، ومشاورات وصفقات استمرت لعدة شهور..

هذه الحكومة المؤلفة من 37 وزيراً ويرأسها نوري المالكي، ركزت في برنامجها الذي أعلنته، إرضاء للمحتلين ولهاثاً وراء أوهام شخصية، على ما أسمته «مكافحة العنف والإرهاب»، علما أن الحقائب التي يفترض أنها المعنية بهذا الموضوع بقيت من دون وزراء أصيلين.

فقد عرض رئيس الوزراء العراقي تشكيلة حكومته وبرنامجها أمام البرلمان، مشيراً إلى أنه سيتولى وزارة الداخلية بالوكالة، فيما سيتولى نائبه سلام الزوبعي وزارة الدفاع بالوكالة ونائبه الثاني برهم صالح وزارة الدولة لشؤون الأمن الوطني بالوكالة، على أن يعين ثلاثة وزراء أصيلين في الأيام المقبلة.

طبعاً القادة الغربيون رحبوا سريعاً بتشكيل هذه الحكومة الطائفية، بدءاً من الرئيس الأميركي بوش الذي اعتبر أن تشكيل الحكومة العراقية (يفتح فصلاً جديداً) في تاريخ هذا البلد ويوفر (فرصة لإحراز تقدم)، مروراً بالأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان الذي اغتبط بإعلان تشكيل الحكومة، وأمل (في استكمال تشكيل الحكومة الأوسع والأكثر تمثيلا في أسرع وقت)، وصولاً إلى رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الذي أكد أن تشكيل الحكومة العراقية الجديدة يشكل (تحولاً جوهرياً) في أوضاع هذا البلد، ورأى أن تقدم العملية الديمقراطية في العراق يثبت أنه (إذا كان في مقدورنا التغلب على القوى الإرهابية في العراق وأفغانستان، ففي وسعنا التغلب عليها في أي مكان من العالم).

إن هذه الحكومة (الشرعية) المرحب بها دولياً، المرفوضة أو غير المكترث بها، على المستوى الشعبي والجماهيري عراقياً وعربياً، تفتقد أبسط معايير الشرعية، وبالتالي كل أمل لها بالحياة، لأنها أولاً وقبل كل شيء، ارتكزت على أسس واعتبارات طائفية في بلد لم يؤمن شعبه في يوم من الأيام بهذه البدعة التفتيتية..

هذا أولاً، أما بعد، فإن من ساوم وشاور وعقد الصفقات لتشكيل هذه الحكومة، ومن شكلها، ومن أعطاها الثقة، ومن رحب بتشكيلها ومنحها (الشرعية)، هو من اعتدى على البلاد وشعبها، وأولئك الذين تحالفوا معه أو باركوا خطوته أو وقفوا متفرجين على جرائمه، أما الشعب العراقي المقاوم، بكل تنوعه، الذي لن يقبل بأقل من خروج قوات الاحتلال مهزومة ذليلة، فلم يؤخذ رأيه أو يستشر بهذا الأمر مطلقاً، وبالتالي فإن هذه المهزلة هي مجرد استمرار في الرهان على الوهم الذي لن يلبث أن ينهار تحت ضربات المقاومة العراقية ومن خلفها الشعب العراقي من جنوبه إلى شماله ومن شرقه إلى غربه.. والقادم من الأيام سيثبت ذلك لا محالة!