خالد حنفي علي/ الأهرام المصرية خالد حنفي علي/ الأهرام المصرية

النفط الأفريقي... بؤرة جديدة للتنافس الدولي

بين من يرونه فرصة لإعادة الاعتبار للقارة السمراء، كفاعل مؤثر في النظام العالمي، ومن يرونه مدخلا جديدا للرأسمالية العالمية لتواصل استغلالها لثروات الأفارقة، يدور الجدل حول النفط الإفريقي الذي فرض نفسه بقوة على أجندة العالم في السنوات الخمس الأخيرة، لاسيما في ظل تعطش القوى الصناعية الكبرى لتنويع مصادر إمداداتها النفطية، حتى تواصل نموها الاقتصادي.

وما يزيد النفط الإفريقي أهمية على الصعيد العالمي، ليس فقط الحديث عن تزايد مستوي إنتاجه واحتياطيه والاكتشافات الجديدة في وسط وغرب القارة، بل ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات قياسية لم يشهدها من قبل في العامين الأخيرين، مما يؤثر في الاقتصادات الرأسمالية التي تشتعل بينها المنافسة على مصادر الطاقة، وفي مقدمتها الولايات المتحدة والصين، اللتان تحتلان المركزين الأول والثاني على التوالي في استهلاك الطاقة على المستوي العالمي.

في الوقت نفسه، فإن النفط الإفريقي قد يمثل أملا لتلك القارة لدفع عجلة التنمية الاقتصادية في القارة، خاصة أنه مصدر جيد للنقد الأجنبي لدعم الاستثمارات والتنمية، لكن الكثيرين يرون أن ذلك الأمر صعب المنال، ما لم تتحقق شروط الحكم الصالح في القارة، ومن أبرزها : الديمقراطية الحقيقية، والشفافية، ومكافحة الفساد، وتحقيق العدالة في توزيع الثروات، والمسؤولية أمام الشعب.

القدرات النفطية الإفريقية

تحتل القارة الإفريقية موقعا مهما في خريطة النفط العالمية، حيث بلغ إنتاج القارة اليومي 9 ملايين برميل يوميا عام 2004، حسب تقرير اللجنة الإفريقية للطاقة (أفراك) في عام 2005، أي 11% من الإنتاج العالمي. في الوقت نفسه، فإن الإستهلاك النفطي للدول الإفريقية وصل إلى ثلاثة ملايين برميل يوميا عام 2004، وقد زاد إنتاج النفط الإفريقي خلال السنوات العشر الأخيرة بنسبة 36%، مقابل 16% لباقي القارات.

أما احتياطات القارة من النفط الخام، فتبلغ 80 مليار برميل، وفقا لتقديرات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، أي ما نسبته 8% من الاحتياطي العالمي الخام، وتتركز هذه الاحتياطيات في نيجيريا (نحو 70%)، وليبيا، وغينيا الاستوائية. ورغم أن الاحتياطي الإفريقي يعلو احتياطي نفط قزوين الذي بلغ -في بعض التقديرات- نحو 33 مليار برميل، إلا أنه لا يقارن بدولة كالسعودية التي تقدر احتياطياتها النفطية المؤكدة ب- 260 مليار برميل، بينما تقدر الاحتياطات المؤكدة لدى دول الخليج العربي بـ 679 مليار برميل.

المتنافسون على النفط الإفريقي

مثلت مميزات النفط الإفريقي تلك، فضلا عن عوامل أخرى تتعلق بتنويع الإمدادات النفطية، مدخلا للمتنافسين الكبار لصياغة استراتيجيات وخطط للسيطرة والتصارع عليىنفط القارة، خاصة إذا علمنا أن الاستهلاك العالمي للطاقة سيرتفع حتى عام 2020 بمعدل 59%، وأبرز القوي المتنافسة هي: الولايات المتحدة، وأوروبا، والصين، والهند، واليابان.

البحث عن رؤية إفريقية

في مواجهة هذا التنافس بين القوى الدولية على النفط الإفريقي، ثمة رؤى إفريقية تنادي بضرورة توظيف الثروة النفطية في تنمية إفريقيا. وعلى سبيل المثال، تؤكد اتفاقية الشراكة الجديدة 'نيباد' أهمية أن تستغل دول إفريقيا مصادر الطاقة خاصة النفط في التنمية، وتحقيق الانتعاش الاقتصادي، وجلب التكنولوجيا الحديثة إلى دول القارة، لمحاربة الفقر والتخلف.