اليمن «المفتت»: بين استبداد صالح وتقاسم كعكة سقوطه
أعلنت المعارضة اليمنية تشكيل مجلس وطني من 143 عضواً، ليكون حسب تعبيرها تجسيداً للثورة الشعبية، سعياً إلى تغيير النظام والإطاحة بالرئيس اليمني، علي عبد الله صالح.
وعقدت الجمعية الوطنية لقوى الثورة السلمية اجتماعها التأسيسي الأول، بحضور قرابة ألف عضو يمثلون كافة الأحزاب والتكتلات السياسية ومنظمات المجتمع المدني، اختارت خلاله المجلس الوطني الذي سينتخب مجلس رئاسة مؤقت يتولى إدارة الأوضاع في البلاد.
واختير محمد سالم باسندوه لرئاسة الاجتماع كونه الأكبر سناً، وقال إن «المجلس سيكون أداة من الأدوات السياسية المعبرة عن الثورة الشعبية بعدما خرجت العديد من المحافظات اليمنية عن سيطرة السلطة، ولهذا سنسعى إلى تكوين جيش يتبع الدولة ولا يتبع النظام العائلي أو أشخاصاً»، مشدداً على أن المجلس يسعى إلى تغيير النظام والوصول إلى حل نهائي عادل والتوافق مع الشعب اليمني بكل فئاته وشرائحه.
وأشار باسندوه إلى أن عمر الثورة اليمنية ضد نظام صالح قد طال، لكنه رآها ظاهرة صحية، مشدداً على أن «وحدة قوة الثورة تضمن الوصول إلى تحقيق العدل حيث سنن التغيير الشامل تحرر الناس من العبودية والعيش مع دولة يحترمها جيرانها وإن هذه الثورة أثارت الخزي والعار للمستبدين».
من جهةٍ ثانية، حذّر باسندوه مما وصفه بخطر «النظام العائلي» لأسرة الرئيس اليمني وتحولهم إلى خطر على أمن المنطقة والعالم من خلال تمسكهم بالسلطة، وسيطرتهم على الوحدات العسكرية في الجيش والأمن، مؤكداً أنه يجب «على أبناء اليمن عبر ثورتهم الشاملة أن يحولوا دون أن يتحول النظام العائلي لأبناء صالح المسيطر على الوحدات العسكرية إلى خطر يضر بأمن ومصالح المنطقة ومصالح العالم الحيوية».
أما المؤتمر الشعبي العام الحاكم، فحذر على لسان الناطق باسمه، طارق الشامي، من أنه «بإنشاء هذا المجلس توقع المعارضة شهادة وفاة المبادرة الخليجية»، لافتاً إلى أن معدي المشروع «يبرهنون على أنهم لا يؤيدون حلاً سلمياً ويدعون إلى مؤامرة ضد النظام الشرعي».
بموازاة ذلك قوبل خطاب للرئيس اليمني لمؤتمر قبائل اليمن من العاصمة السعودية الرياض- والذي اعترف فيه بالثورة وتعهد بالعودة إلى البلاد محذراً من سرقة قوى المعارضة للثورة- بردود فعل غاضبة من المعارضة التي اعتبرت صدور الخطاب من الرياض تدخلاً في الشأن اليمني، فيما رأت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فكتوريا نونلاند أنه «اذا كان (صالح) في حالة جيدة بدرجة كافية ليدلي ببيان فإنه يكون في حالة جيدة بدرجة كافية ليوقع اتفاق مجلس التعاون الخليجي وأن يسمح لبلده بالمضي قدماً».
وخرجت مسيرة حاشدة في مدينة المكلا جنوب شرق اليمن، رافضة خطاب صالح فيما اشترطت قوى الحراك الجنوبي على المعارضة أن يكون المجلس الانتقالي مناصفة بين الشمال والجنوب.
وتحدث محمد علي أحمد- الذي كان يشغل منصب محافظ أبين اليمنية سابقاً- عن استمرار الاستعدادات لعقد مؤتمر للقيادات الجنوبية يوم 10أيلول المقبل لتشكيل قيادة جنوبية موحدة للتعاطي مع المرحلة الجديدة في اليمن.
ونفى أحمد أن تكون المعارضة اليمنية قد أجرت أي اتصال بقوى الحراك الجنوبي أو وجهت لهم الدعوة لحضور إعلان تأسيس المجلس الانتقالي.
وفي مؤشر خطير يهدد وحدة الأراضي اليمنية أضاف المتحدث «نعتبر عملياً أن الوحدة سقطت في حرب عام 1994 وأن ما بعدها احتلال، ونرى أن سقوط نظام علي عبد الله صالح يعني سقوط الاحتلال، وبالتالي سيكون مؤتمر الجنوبيين المتوقع في أيلول المقبل بالقاهرة محطة لتشكيل مجلس انتقالي جنوبي».
وكشف أحمد النقاب عن استمرار الاستعدادات لتوحيد القوى الجنوبية وضمان مشاركة جميع الأطراف في مؤتمر القاهرة، وأشار إلى أن خلافاً لا يزال قائما مع الرئيس اليمني الجنوبي السابق علي سالم البيض الذي يرفض الاتحادية مع الشمال ويصر على فك الارتباط.
وتجري الاتصالات في القاهرة بمشاركة عدد من القيادات التاريخية المعروفة، مثل الرئيس علي ناصر محمد، وحيدر أبو بكر العطاس، وصالح عبيد، ومحمد علي أحمد، وعلي سالم البيض عبر مبعوث له موجود الآن في القاهرة لهذا الغرض.
وكان الرئيس اليمني قد تعهد في خطابه بالعودة قريباً إلى اليمن من السعودية، حيث يتعافى من جراح أصيب بها في محاولة الاغتيال التي تعرض لها في صنعاء يوم 5 حزيران المنصرم في غمرة احتجاجات شعبية ضد حكمه الذي مضى عليه 33 عاماً.
وفي ثاني كلمة يوجهها عبر التلفاز إلى الشعب اليمني من الرياض، تساءل صالح لماذا لا يلجأ اليمنيون إلى الحوار وصناديق الاقتراع للوصول إلى حل للأزمة التي يعانيها اليمن، متهما أحزاب اللقاء المشترك بالتسبب في المأزق الذي يعيشه اليمن لأن تركيبة اللقاء تشمل أيضاً جماعات إسلامية متطرفة، على حد قوله.
وهاجم صالح أحزاب المعارضة والقبائل التي انحازت إليها، ووصفهم بأنهم «قطاع طرق وانتهازيون»، وأبلغ المحتجين بأن حركتهم سُرقت. وقال في ختام خطابه الذي تابعه نحو ستة آلاف من رجال القبائل في العاصمة اليمنية «أراكم قريبا في صنعاء».
ولم يشر الرئيس اليمني في خطابه إلى المبادرة الخليجية التي تؤيدها كل من السعودية والولايات المتحدة، والتي تعرض عليه حصانة من مقاضاته إذا تخلى عن السلطة، وكان قد وافق عليها سابقاً ثلاث مرات ثم عاد ونكص عنها.
إلى ذلك، احتجز رجال قبائل يقاتلون إلى جانب قوات الجيش اليمني، عشرة يشتبه في أنهم من الإسلاميين المتشددين بجنوب اليمن حيث فقدت الحكومة سيطرتها على بعض المناطق.