هل تُعاد طالبان إلى الحكم، ولماذا؟
في آذار من هذا العام أقيم في دبي بالإمارات العربية، مؤتمر سري لممثلي حركة طالبان في أفغانستان حضّر له وقاده سفير الولايات المتحدة السابق في الأمم المتحدة زلماي خليل زاده. وحسب المعلومات المؤكدة، التي عرفت فيما بعد، جرى استعراض وتداول مختلف الخيارات حول تسوية الوضع في أفغانستان بما في ذلك جذب ممثلي حركة طالبان للعمل في مواقع السلطة القيادية لهذا البلد.
ترد الآن ومن مصادر عدة، خصوصاً من إيران، معلومات تفصيلية عن مضمون المحادثات في مؤتمر دبي. ومن اللافت هنا أنه بحسب خطط القائمين على هذا المشروع فإنه من المتوقع أن ينقل متشددو طالبان نشاطهم إلى جمهوريات آسيا الوسطى (طاجكستان، تركمانستان، أوزبكستان وقرغيزيا). وبالمقابل ستتولى الولايات المتحدة تمويل المشروع والذي سيصل إلى حوالي /3/ مليار دولار.
يشار هنا إلى أن شيئاً مماثلاً استطاعت واشنطن فعله خلال السنوات الماضية في العراق، حيث تمكنت الولايات المتحدة بمساعدة الاستخبارات الباكستانية والسعودية من إعادة تكوين أجزاء من تنظيم القاعدة في العراق وإرسالها للعمل في شرق وشمال باكستان. من هنا يبدو أن رجال الإدارة الأمريكية أرادوا الاستفادة مجدداً من التجارب المتراكمة في هذا المجال.
يمكن القول إن كل ذلك هو جزء من السياسة العامة للرئيس الجديد باراك أوباما في المنطقة المشار إليها. وحسب كل الدلائل والوقائع المتوافرة تريد واشنطن من هذا السيناريو الإيحاء بتنفيذ وعود الرئيس بسحب قسم من العسكريين الذين أرهقتهم الحرب في أفغانستان، وفي الوقت ذاته خفض الإنفاق في ظروف الأزمة الاقتصادية. يضاف إلى ذلك، إن زعزعة الاستقرار في آسيا الوسطى سيخلق الأرضية لبدء المحادثات مع قيادات دول المنطقة حول نشر قواعد عسكرية أمريكية في أراضيها. وهنا يجب أن يؤخذ بالاعتبار أن الولايات المتحدة أقنعت روسيا حول «الترانزيت العسكري» عبر أراضيها باتجاه أفغانستان، الشيء الذي سيضعف إلى حد بعيد، من تأثير روسيا على جيرانها في آسيا الوسطى لمنع إقامة قواعد عسكرية أمريكية هناك.
أن كل ذلك وبالمحصلة سيقرب واشنطن من أهدافها الإستراتيجية هناك: نفط بحر قزوين، إيران، وكذلك إضعاف نشاط وفاعلية كل من الصين وروسيا في تلك المنطقة.