القدس ليست غرناطة.. احذروا المقارنة
خرجت إحدى الصحف الرسمية السورية صبيحة يوم الأربعاء 7/2/2007، يتوّج افتتاحيتها السياسية عنوان بغاية الخطورة فيه من الخطأ بالتشبيه والمقارنة ما فيه، صاغه كاتبه كما يلي:«كي لا تضيع القدس بعد غرناطة!»..
وبالطبع، فإننا هنا لسنا بمعرض التشكيك بوطنية صاحب المقال وغيرته وحرصه على عروبة القدس وعموم الأراضي الفلسطينية المحتلة، فهو أسهب في فضح المخططات الأمريكية- الصهيونية التي سعت وماتزال تسعى بكل ما أوتيت من قوة وخداع وتزوير لتهويد القدس وتفكيك المسجد الأقصى ونقله إلى بلدة «أبو ديس»، مدفوعة بحقد تاريخي ليس على العرب والمسلمين فقط، وإنما على الإنسانية برمتها، وتتسلح في هذا السياق بأساطيرها وخرافاتها التلمودية وأطماعها العنصرية ودعم حلفائها المتصهينين.. ولكن ما استوقفنا هو الإسقاط الخاطئ لما حصل في غرناطة أواخر القرن الخامس عشر، على ما يمكن أن يحصل للقدس في هذا العصر، ووضع المدينتين في الميزان نفسه، والقيمة والمقاييس والاعتبارات نفسها، على الرغم من الاختلافات الجوهرية بينهما تاريخاً وثقافة وانتماء وقدسية..
القدس أيها السادة، وإذا ما اضطر المرء لوضعها في خانة المدن، يمكن أن يقارنها بأخواتها التاريخيات: دمشق أو بغداد أو بيروت أو مكة المكرمة.. أما الإسراف في الشطط العاطفي غير المدروس والمحسوب بدقة، والوقوع في فخ المقارنة المغلوطة، فقد يؤدي إلى نقيض الغاية المرجوة والهدف المبتغى، خصوصاً إذا ما اقتنصه أعداؤنا المتربصون واتخذوه حجة لإثبات أحقيتهم بمدينتنا المقدسة.. قدسنا الخالدة.. التي لا يمكن لأية مدينة في أوروبا أو في أي مكان آخر من العالم، أن تجلس معها في ميزان واحد..