بين إستراتيجية «إعادة التوجيه» والاستجداء الجنبلاطي

إضافة أخرى إلى سلسلة مصطلحات وسياسات «الفوضى الخلاقة» يقدمها البيت الأبيض الأمريكي، فقد كشف الصحافي الأمريكي سيمور هيرش عن الإستراتيجية الجديدة لذاك البيت بهدف ضرب كل من إيران ولبنان وسورية من الداخل وذلك تحت اسم «إستراتيجية إعادة التوجيه». أما مهندسو خطة إعادة التوجيه فهم ديك تشيني نائب الرئيس جورج بوش، إليوت ابرامز نائب مستشار الأمن القومي، زلماي خليل زاد السفير الأمريكي في العراق.

وذكر هيرش في مقالته المنشورة في مجلة «نيويوركر» الأمريكية أن واشنطن تدير عمليات سرية في إيران ولبنان وسورية «توجه من قبل تشيني» وتعتمد بشكل كبير على السعودية وعلى مستشار الأمن القومي السعودي الأمير بندر بن سلطان. وأضاف انه في بعض الحالات تعتمد العمليات السرية على تمويل السعودية ومستشارها الأمني.

وينقل هيرش عن مصدر حكومي أمريكي قوله إن الأمير بندر قال للأميركيين «لا تخشوا السلفيين، نحن من صنعهم ونحن من يقدر على ضبطهم، لا نقول إننا لا نريدهم أن يرموا القنابل، بل أن يرموها على حزب الله وإيران ومقتدى الصدر والسوريين».

وحسب المقالة فإن إدارة بوش تصعد من عملياتها السرية في إيران في إستراتيجية جديدة تهدد بمواجهة مفتوحة مثلما يقوم العديد من الأشخاص في لبنان تحت عنوان أنهم من ممثلي حكومة السنيورة بتقديم المال والسلاح لبعض الجماعات المتطرفة في الشمال والبقاع والجنوب بهدف فرض الفتنة المذهبية.

وكتب هيرش أن الجيش الأمريكي وفرق العمليات الخاصة زادت من نشاطاتها داخل إيران، وأنها تدخل ذلك البلد من العراق لجمع المعلومات الإستخباراتية، وتجنيد العناصر الإيرانية مؤكدا أنها مستمرة منذ أشهر، موضحاً أن إدارة بوش تضخ مبالغ طائلة دون تصريح من الكونغرس ودون إشراف منه للإنفاق على العمليات السرية ذات الطابع التفتيتي المذهبي في العديد من مناطق الشرق الأوسط.

وأضاف هيرش ان الإستراتيجية الأمريكية الجديدة دفعت السعوديةَ وإسرائيل إلى ما يشبه «العناق الاستراتيجي الجديد»، كون البلدين ينظران إلى إيران على أنها تهديد وجودي. موضحاً أن السعوديين والإسرائيليين دخلوا في محادثات مباشرة، ليصبحوا أكثرَ تدخلاً في المفاوضات العربية الإسرائيلية، لانهم يعتقدون أن استقراراً أوسع في إسرائيل وفلسطين سيعطي لإيران نفوذاً أقل في المنطقة. ويشير هيرش في مقاله نقلا عن مصادر حكومية اميركية الى ان اهم عناصر التوجه الجديد هو التأكيد على أن أمن إسرائيل هو أولوية وأن واشنطن والسعودية والدول الخليجية الأخرى تشاركها قلقَها حول إيران، وعلى السعوديين حث حماس على التخفيف من عداوتها لإسرائيل والبدء في محادثات جدية حول التشارك في القيادة مع فتح. كما تُوفرُ الحكومة السعودية، بموافقة واشنطن، الأموال والمساعدة اللوجستية لإضعاف النظام في سورية.

وأشار هيرش إلى خطة أمريكية لضرب إيران، حيث أبلغه مسؤول استخبارات سابقا، أنه تم تشكيل فريق خاص للتخطيط على مستوى كبار القادة العسكريين وأن خطط الطوارئ الحالية تسمح بتنفيذ هجوم بحلول الربيع. وأضاف الصحافي الأمريكي أن إدارة بوش تحاول بناء ملف من الاتهامات ضد إيران.

نشر دراسة هيرش زامنتها زيارة وليد جنبلاط إلى واشنطن، ولقاءه من ضمن مسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى آخرين، بالرئيس الأمريكي ذاته في عرف غير مسبوق في بروتوكولات البيت الأبيض. ولم يتوان جنبلاط عن طلب المعونة العسكرية بعد السياسية من الإدارة الأميركية لمواجهة ما وصفه بالاحتلال السوري غير المباشر للبنان المتمثل بحزب الله.

وقال جنبلاط في محاضرة ألقاها أمام معهد أمريكان انتربرايز إن لبنان مجتمع تعددي ومفتوح وديمقراطي، ولكنه يواجه الآن حزب الله الذي يمثل ما وصفه بإيديولوجية توتاليتارية تدعمها دول توتاليتارية مثل إيران وسورية، دون أن ينسى التحذير من أن سقوط حكومة السنيورة سيؤدي إلى اضطرابات في لبنان والشرق الأوسط معترفاً في الوقت ذاته بأن ذلك سيكون بمثابة هزيمة لمن اسماهم بقوى الاعتدال والإصلاح في المنطقة...

بدون تعليق ..

آخر تعديل على الجمعة, 11 تشرين2/نوفمبر 2016 12:26