حكومة «وحدة وطنية فلسطينية».. فماذا بعد..؟
بغض النظر عن الفسيفساء غير المتجانس وربما «الملغوم» فيها، فإن أهم ما في الإعلان عن تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية، وما سبقها من تحضيرات واتصالات، هو أن ذلك بمجمله أوقف الاقتتال الداخلي الفلسطيني (موقفاً معه الإفراج الأمريكي عن بضعة ملايين من الدولارات للسلطة الفلسطينية كان هدفها تمويل ذلك الاقتتال وتسعير الانقسام الوطني الفلسطيني)!
ولهذا الاعتبار حصراً (أي بالأحرى إعادة الاعتبار لحرمة الدم الفلسطيني)، جاءت جملة المواقف من جانب حكومة الاحتلال الصهيوني بزعامة إيهود أولمرت:
* الإجماع على عدم الاعتراف بالحكومة الفلسطينية أو التعامل معها بغض النظر عن مكوناتها من الفصائل بما فيها فتح.
* تصعيد عمليات الاجتياح والمداهمة والقتل والاعتقال في جنين ونابلس ورام الله وبيت لحم والخليل ومخيم بلاطة، والنتيجة سقوط المزيد من الضحايا الفلسطينيين.
* التصعيد في وتيرة عمليات التهويد والاستيطان سواء في محيط المسجد الأقصى أو بناء كتل استيطانية جديدة بمساحات غير مسبوقة في الضفة داخل الجدار وفي المناطق التي لم يصلها بعد، من باب الإمعان في فرض الأمر الواقع الاحتلالي الجديد الذي يمليه هذا الجدار العنصري.
بالمثل لا يخرج المنطق الأمريكي والأوربي في التعامل مع الحكومة الجديدة عن المنطق الإسرائيلي باتجاه الإبقاء على حصار الفلسطينيين وعدم الإفراج عن الأموال الفلسطينية (بما فيها المساعدات) وذلك ضمن استئناف محاولات تكريس الانقسام الفلسطيني من خلال القول أيضاً إن الولايات المتحدة وبعض الدول الرئيسية في الاتحاد الأوربي سيتعاملون حصراً مع الوزراء الفلسطينيين الذين «لا ينتمون إلى حماس»!! أي أن هؤلاء ومعهم قادة حكومة الكيان الإسرائيلي والذين كانوا يطالبون بحكومة وحدة فلسطينية باتوا الآن يريدون حكومة فلسطينية «منقوصة» للتعامل معها، وإذا ما قررت النرويج، وهي راعية «اتفاق أوسلو ومنطقه»، ولغاية في نفس يعقوب، (وقبل أي مسؤول عربي!) أن «تخرج عن الطوق» من خلال المبادرة بإرسال نائب وزير خارجيتها للقاء رئيس الوزراء إسماعيل هنية شخصياً وممارسة ضغط معنوي أخلاقي عليه، فإن رد الفعل الإسرائيلي يأتي ضمن الأوركسترانفسها: «رفض لقاء المسؤول النرويجي» كي يشعر الفلسطينيون، وتحديداً «وزراء حماس» أنهم حصلوا على مكسب كبير ينبغي الحفاظ عليه بأي ثمن!!
المفارقة الملغومة في الحكومة الجديدة هي أن الوزراء «من غير حماس» لا يمثلون قواعدهم الانتخابية الاجتماعية بل يمثلون قيادات في فتح أو شخصيات «مستقلة» بات معظمهم مرتبطاً بالمشروع الأمريكي الصهيوني (محمد دحلان وسلام فياض مثالاً).
لكن وبغض النظر عن التكتيكات والتباينات في التصريحات بين الفصيلين الرئيسيين، فتح وحماس، فإن الثابت بقي وهو:
* عدم إسقاط منطق المقاومة
* التمسك بحق عودة اللاجئين (القرار 194)
إن استمرار السياسة الإسرائيلية القائمة على التهويد والحصار والتجويع والقتل (أي الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني) لن يبقي أمامه، سواء في الداخل أو الشتات، سوى التمسك بثوابت الحقوق الفلسطينية، وفي مقدمتها خيار المقاومة بوصفها «الاستباق الكفاحي الدائم»، ولكن سيكون أمام مؤتمر القمة العربية المرتقب بدل الحديث عن إحياء ما يسمى بمبادرة السلام العربية «المنعية» في أكثر من مناسبة ومن أكثر من طرف عربي و«إسرائيلي» أن يتجاوز أحد امتحاناته الرئيسية: فك الحصار عن الشعب الفلسطيني!