الدول العربية تسحق حقوق العاملين تشييع جنازة الحقوق النقابية في العالم
كشف التقرير السنوي لاتحاد النقابات الدولي بشأن انتهاكات الحقوق النقابية في العالم، عن صورة قاتمة من ممارسات القتل والفصل والقمع من جانب الحكومات وأرباب العمل، وسط معاناة مادية للعاملين وارتفاع معدلات البطالة والفقر وانعدام الأمن. وشدد على سحق حقوق العاملين في المنطقة العربية.
وشمل تقرير الاتحاد الدولي المقدم في جنيف، انتهاكات حقوق العمال في 143 دولة في عام 2010، بما فيها قتل فيها 90 مواطنا (49 منهم في كولومبيا وحدها) بسبب ممارستهم أنشطة نقابية مشروعة.
يضاف إلى ذلك التهديدات بالقتل لنفس السبب، والتي وقع ضحيتها 75 آخرون خلال هذه الفترة، وإلقاء القبض على أكثر من 2500 نقابي، وفصل 5000 عن الوظيفة.
وأكد الاتحاد الدولي أن النقابات العمالية في العديد من بلدان العالم تواجه ممارسات «القمع الشديدة» من قبل الحكومات وأرباب العمل.
وعامة، شهد العالم تراجعاً مطرداً للحقوق النقابية والمفاوضة الجماعية بين ممثلي العاملين وأرباب العمل، وهما ضمن العناصر الأساسية لحماية حقوق العاملين.
كما يتناول التقرير، الصادر يوم 8 الجاري، الاقتصادات الأكثر ثراءً في العالم وخصوصاً الولايات المتحدة حيث «تكثفت» الاعتداءات على حقوق التنظيم والمفاوضة الجماعية بصورة خاصة في عام 2010.
ويمضي التقرير لوصف وتحليل «التغييرات الهائلة» الجارية في المنطقة العربية إثر الثورات الشعبية للدفاع عن الحقوق الديمقراطية.
وفضح ظاهرة الحرمان من الحقوق الأساسية في العمل المسيطرة في الشرق الأوسط، وفشل حكومات المنطقة في القيام بواجباتها لضمان العمل اللائق للملايين من الأهالي وخاصة الشباب، فيما تحظر المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، جنباً إلى جنب مع بورما، النقابات حظراً كاملاً.
وصرح الكندي ستيفن بنديكت مدير حقوق الإنسان والعمال بالاتحاد الدولي، أن الوضع النقابي في الإقليم العربي يختلف من بلد إلى آخر، بين الوضع المعقد جداً والصعب تقييمه وتحليله، مثل اليمن وسورية مقابل بلدان مثل تونس ومصر حيث هناك «فرص حقيقية لتحقيق المزيد من الديمقراطية لأن يحصل العاملون على تمثيل (النقابي) حقيقي، وهو الذي يشعرون بضرورته».
وذكر بأن تونس تشهد بالفعل نشاطاً نقابياً عظيماً، لعب دوراً محورياً في «ثورة الياسمين» ويواصل تأدية هدا الدور في تطوير الهياكل الجديدة والانتخابات القادمة.
وفي المقابل، كانت في مصر نقابة مقربة جداً من الحكومة ومفقودة المصداقية تماماً، وإن كانت هناك تنظيمات نقابية مستقلة، تنمو بسرعة مع تطور حركة النقابات المستقلة، وفقا للمسؤول في اتحاد النقابات الدولي.
ويعرب اتحاد النقابات الدولي في تقريره عن قلقه المتنامي بشأن الوضع العالمي. فلا تزال أزمة العمالة قائمة نتيجة الانكماش الاقتصادي العالمي، وتتكرر في جميع المناطق بسبب عدم قيام أصحاب القرار بإجراء التغييرات اللازمة لخلق الوظائف والحفاظ على العمالة.
وأشار التقرير إلى أن الحكومات قد اقتبست خطاب الشركات وحرية السوق الحرة، على حساب ليس العاملين فقط، ولكن الاستقرار ومستقبل الاقتصاديات الوطنية أيضاً.
وشدد الاتحاد الدولي على أن انعدام المساواة الاجتماعية كانت عاملاً حاسماً عندما غرق العالم في الأزمة الاقتصادية التي اندلعت في عام 2008 والآن يستمر في الارتفاع، وأن انتهاكات معايير العمل الأساسية هي السبب الرئيسي لهذه الفوارق.
وأخيراً وليس آخراً، توقف تقرير اتحاد النقابات الدولي عند استغلال العاملات في المناطق الحرة والصناعات الحرفية الصغيرة المتناثرة في جميع أنحاء العالم.
وشرح بنديكت أن النساء هن أغلبية العاملين في قطاع الصناعات التحويلية، حيث لا وجود للحقوق الأساسية للتنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية. وأقر انه ربما لم تولِ الحركة النقابية العالمية الاهتمام الواجب لهذه الأوضاع