المؤسسة العسكرية الروسية تضغط مجدداً
في الوقت الذي تزداد فيه حدة التناقضات والتجاذبات بين موسكو وواشنطن على خلفية خطط الأخيرة القاضية بالمضي في نشر الدرع الصاروخية خلافاً لاعتراضات الأولى وتهديداً لأمنها الجيواستراتيجي، كشفت روسيا الاثنين الماضي النقاب عن نظام جديد للدفاع الجوي يقول مصمموه إنه سيستخدم كأساس لجيل جديد من صواريخ الاعتراض الروسية. وقدمت محطات تلفزيونية روسية تغطية موسعة لنشر نظام الدفاع الجوي اس-400 وهو نسخة مطورة من وحدة صواريخ ارض جو سوفيتية التصميم.
وقال فاديم فولكوفيتسكي نائب قائد القوات الجوية المسؤول عن الدفاعات المضادة للطائرات إن «الفاعلية الحقيقة لهذا النظام هي قدرته على تدمير أهداف وصواريخ ذاتية الدفع وأهداف جوية.. لذا فانه لا يؤدي فقط مهام الدفاع الجوي ولكن أيضا مهام الدفاع المضاد للصواريخ.» من جهته، أعلن ايجور اشوربيلي المدير العام لمكتب ألماظ للتصميم «مهمتنا التالية هي (تصميم) نظام اسمه اس-500 وهو نظام مضاد للصواريخ .. نظام دفاعي متنقل مضاد للصواريخ .. جيل خامس من النظام كأحد عناصر نظام روسيا الدفاعي الموحد المضاد للصواريخ.»
ويستطيع نظام اس-400 تدمير أهداف تتحرك بسرعة خمسة كيلومترات في الثانية بما فيها الطائرات والصواريخ ذاتية الدفع متوسطة المدى رغم انه لا يستطيع تدمير الصواريخ عابرة القارات التي تتحرك بسرعة كبيرة للغاية.
ويصل مدى النظام إلى 400 كيلومتر.
وسبق هذا الكشف تطوران اثنان أحدهما قيام موسكو بتجربة ناجحة لصواريخ تحتمائية تتعلق بسلاح الغواصات، وثانيهما، وهو الأهم والأكثر استحواذاً على اهتمام وتحليل المؤسسات الإسرائيلية والأمريكية، إعلان مسؤول عسكري روسي رفيع عن نية بلاده «توسيع وجودها العسكري في منطقة البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط لمواجهة التغيرات المتسارعة في العالم».
فقد أشار القائد العام للأسطول الحربي الروسي الأدميرال فلاديمير ماسورين إلى خطط روسية لتوسيع رقعة نشاط أسطول البحر الأسود الروسي، وأوضح أن «نطاق عمليات هذا الأسطول تمتد من البحر الأسود إلى البحر المتوسط وصولاً إلى المحيط الأطلسي»، وشدد على أهمية هذا الأسطول بالنسبة لروسيا خصوصاً في ظل التغيرات الجيوسياسية الحاصلة في العالم.
وأشار ماسورين إلى أن «أسطول البحر الأسود يعتبر رأس حربة روسيا في المنطقة الجنوبية الغربية التي تحظى بأهمية إستراتيجية بالنسبة لها»، ولفت إلى أن «دائرة العمليات هذه تحد دولاً من آسيا وأفريقيا وأوروبا، وفي هذه المناطق تتشكل علاقات جديدة متناقضة».
واللافت أن المسؤول الروسي ركز في حديثه على أهمية البحر المتوسط، مشدداً على أنه «يعتبر بالنسبة لأسطول البحر الأسود الروسي منطقة عمليات مهمة. وأعتقد أنه يجب أن يعاد نشر الأسطول البحري الحربي الروسي في البحر المتوسط وتعزيزه بقوة تماثل قوة أسطولي الشمال والبلطيق الروسيين».
واعتبر خبراء عسكريون أن إشارة الأدميرال الروسي إلى منطقة البحر المتوسط كمنطقة إستراتيجية بالنسبة لروسيا تعكس النية الروسية في إعادة تنشيط الوجود العسكري الروسي في مناطق كانت موسكو أهملتها بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، ولإيجاد قواعد جيدة لأسطولها خصوصاً بعد انضمام رومانيا وبلغاريا إلى حلف شمال الأطلسي، والمشاكل القائمة بين روسيا وأوكرانيا حول تموضع أسطول البحر الأسود في مدينة سيفاستوبل.
وكان عدد من العسكريين الروس أشاروا إلى أهمية إعادة تأهيل القاعدة العسكرية الروسية في طرطوس، علماً بأنها كانت في العهد السوفييتي مركزاً لصيانة السفن الروسية، ويعتقد بعض الخبراء أن تلك القاعدة ستغدو عنصراً أساسياً في مشروع توسيع دائرة عمليات الأسطول الروسي في منطقة المتوسط، في وقت تزداد فيه الحشود العسكرية الأمريكية في الخليج والمناورات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة من غزة إلى الجولان.