نحو «قمة عالمية» لإصلاح النظام المالي العالمي ... قمة العشرين ليست أكثر شرعيةً من قمة الثماني!

شهدت الأشهر المنصرمة تعرض أمريكا الشمالية وأوروبا لإحدى أكبر الأزمات المالية في تاريخها. كما كان رد الفعل تاريخياً بالمقدار نفسه. لتجنب الانحسار الإقليمي والعالمي ولإعادة الاستقرار والثقة في الأسواق، أطلقت بلدان الشمال برنامجاً كبيراً غير مسبوق، يتضمن تدخل الحكومات وتأميم مصارف وحقن مساعدات كبيرة في المؤسسات التي مسها الانحسار وتطوير نظام جديد لقطاعاتها الاقتصادية.

يمثّل هذا الرد تناقضاً واضحاً مع صرامة السياسات النيوليبرالية التي انتهجها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والبلدان المتطورة تجاه البلدان النامية في السنوات الثلاثين المنصرمة. لقد تم دفع الحكومات إلى تحرير الحواجز التجارية ورفع القيود عن الأسواق المالية وسوق العمل وخصخصة الصناعات الوطنية وإلغاء المساعدات وتخفيض الإنفاق الاجتماعي والاقتصادي، أي إلى تقليص جذري لدور الدولة.

إنّ سياسة الكيل بمكيالين هذه ليست غير مقبولة فحسب، بل تشير أيضاً إلى هيمنة الأصوليين في التبادل الحر. لقد تجاوز اتساع الأزمة المالية والاقتصادية السوق المالية العالمية وبنيتها والمؤسسات المالية تجاوزاً كاملاً. ينبغي إعادة النظر كلياً في السوق المالية العالمية وبنيتها والمؤسسات المالية.

نحو رد عالمي حقيقي على أزمة عالمية

في الأسابيع المنصرمة، اتفق قادة العالم أجمع على الاعتراف بمكامن ضعف النظام القائم وضرورة تنظيم لقاءات لمعالجة مجموعة كبيرة من الاقتراحات الهادفة إلى إصلاح النظام المالي العالمي والمؤسسات المالية. سوف يجتمع أعضاء مجموعة العشرين في واشنطن العاصمة يوم 15 تشرين الثاني لبدء النقاشات. أصبح جلياً وضرورياً اتخاذ إجراءات فورية لمواجهة الأزمة، ونحن نحرص على إبراز أولوية رد ينبغي تقديمه للتأثيرات التي تمس الموظفين والعمال العاديين والأسر منخفضة الدخل والمتقاعدين، وكذلك كل القطاعات الهشة. لكننا نشعر بقلق شديد من أن يجري تنظيم اللقاءات بأسلوب متسرّع وغير شامل، وألا تتمكن بالتالي من معالجة كل التغييرات الضرورية معالجةً عميقة، ولا من توزيع الأعباء توزيعاً عادلاً.

صحيحٌ أنّ الأزمة اندلعت في بلدان الشمال، لكنّ البلدان النامية هي التي ستعاني أكثر من مفاعيلها. لابد بالتالي من أن تتمكن كل البلدان من قول كلمتها في عملية تغيير البنية المالية الدولية. لن يتمكن أي حل مستدام وعادل لتغيير النظام الحالي من أن ينبثق عن قمة يجري تحضيرها بتسرع وتستثني العديد من البلدان والمجتمعات.

تطلعاتنا ـ آن أوان إعادة صهر أساسية

نحن الموقعين أدناه، نساند التحول الأساسي والجذري للنظام الاقتصادي والمالي العالمي. ولبلوغ هذا الهدف، ندعم القمة الدولية الهامة التي دعت إليها الأمم المتحدة والهادفة إلى إصلاح البنية والحوكمة (نظام التحكيم) النقدية والمالية الدولية، وكذلك بنية وحوكمة المؤسسات المالية، وذلك فقط في حال انعقدت هذه القمة وفق الشروط التالية:

1ـ أن تشمل كل حكومات العالم

2ـ أن تشمل ممثلي منظمات المجتمع ومجموعات المواطنين والحركات الاجتماعية وكل الأطراف المعنية

3ـ أن تحترم سجل الاستحقاقات الدقيق لعملية مشاورات إقليمية، وخاصة بالنسبة للقطاعات الأكثر تأثراً بالأزمة

4ـ أن تعالج بالتفصيل كل المشكلات الأساسية وفي كل مؤسسة

5ـ أن تبرهن على الشفافية عبر نشر المقترحات ومشاريع الخلاصات وأن تستبق التحضير لها قبل القمة بفترة كافية

من أجل بدء التحضير لهذه القمة العالمية، ينبغي الاستفادة من أعمال مجموعة العمل الجديدة المنبثقة عن الأمم المتحدة والمكلفة بإصلاح النظام المالي العالمي، وأعمال هيئات أخرى تابعة للأمم المتحدة، وكذلك من مؤتمر الأمم المتحدة القادم حول تمويل التنمية.

لا يوجد حلٌ سحري سريع للخروج من النظام الحالي الذي شجع على عدم الاستقرار وعدم العدالة، ولا للدخول في نظام عادل ومستدام وموثوق ينفع مجمل شعوب العالم.

 

«لقد فشلت السياسات التي انتهجتها حكومات الشمال والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي في الأعوام الثلاثين المنصرمة فشلاً ذريعاً. والآن، يريدون تصحيح الوضع بجمع ممثلي 20 حكومة في العاصمة الأمريكية لإقامة «توافق واشنطن» جديد».

فتاليس ميخا، «هيئة أفروداد»

 

 

«كل محاولة تقوم بها البلدان الأقوى، لفرض تفاهم لا يستند لا إلى المشاورة الجماهيرية ولا إلى مشاركة غالبية بلدان العالم في عملية شاملة، ستؤدي إلى مزيد من إضعاف ثقة الشعوب».

روبرتو بيسيو، «سوشال ووتش»

 

 

■ التوقيع:

تحالف 550 منظمة تنتمي إلى 88 بلداً