الحرب والاقتصاد و«تركة» بوش..
من الواضح أن تصريحات الرئيس الأمريكي الحالي جورج بوش خلال العشاء السنوي لجمعية الحكام الجمهوريين بأن أمريكا ستنتخب رئيساً يواصل حرب العراق لم تأت من فراغ، بل هي في أحد جوانبها الرئيسية تعبير عن مؤشرات الأزمة الاقتصادية الأمريكية مع ثبات تجاوز سعر النفط للمائة دولار للبرميل ووصول اليورو إلى 1.51 مقابل الدولار وتراوح سعر أونصة الذهب عند مبلغ 959.55 دولار تقريباً.
وزامن ذلك إجماع خبراء في القطاع الاقتصادي أن الرئيس الأمريكي الجديد، وبصرف النظر عن هويته، سيواجه أزمات مالية كبيرة، قد تبلغ تكلفتها أكثر من أربعة تريليونات دولار، وذلك إلى جانب ما سيرثه من اقتصاد مترنح بفعل أزمات الرهن العقاري والائتمان.
ووفقاً لمكتب الموازنة الفيدرالية التابع للكونغرس الأمريكي فإن عجز الموازنة سيتراجع خلال الأعوام الأربعة المقبلة بصورة متواصلة حيث يتحول إلى فائض بقيمة 61 مليار دولار في العام 2013، ولكن تكلفة معالجة «ملفات الأزمة» على الموازنة الفيدرالية التي ستتجاوز أربعة تريليونات دولار، ستضاف إلى عجز الموازنة حتى العام 2018، وذلك بالاعتماد على الأرقام التي قدمتها المراكز المتخصصة. وستسجل الموازنة هذا العجز غير المسبوق بإضافة التكلفة المزايد للحرب على العراق وأفغانستان وارتفاع فاتورة الضمان الصحي والاجتماعي.
وأكدت وكالات الأنباء أن مكتب الموازنة الفيدرالية أصدر تقريراً حديثاً حول الموضوع اعترف فيه: «بضرورة إجراء خفض واضح في النفقات أو زيادة كبيرة في الإيرادات الضريبية، بما يتوافق مع الوضع الاقتصادي العام، إذا ما أردنا الحفاظ على الاستقرار المالي للبلاد في المدى البعيد».
ولفت الخبراء أيضاً إلى ضعف الرؤية الاقتصادية لدى جميع المرشحين في سباق الانتخابات التمهيدية الحالية في الولايات المتحدة، حيث حذر جوشوا غوردون، كبير المحللين في مجموعة كونكورد الاتحادية المعنية بمراقبة عجز الموازنة الأمريكية من أن بعض المقترحات التي تقدم بها المرشحون «قد يكون لها أثر عكسي» يرفع من قيمة العجز بدل خفضه.
وفي عزفه على وتر توجس أوساط أمريكية من احتمال وصول هيلاري «المرأة» وأوباما« الأسود» إلى سدة الرئاسة في البيت الأبيض عن الحزب الديمقراطي توقع بوش أن ينتخب الأميركيون رئيساً جمهورياً «يواصل الحرب» على العراق، وأن يعيدوا غالبية مجلسي النواب والشيوخ إلى الجمهوريين أيضاً، لأنه لا يريد للرئيس المقبل أن يكون وحيداً، مضيفاً أنه سيخصص كل الفترة المتبقية من ولايته «لاتخاذ ما يلزم من القرارات من أجل ضمان تحقيق النجاح في العراق من أجل أمن الشعب الأمريكي وضمان أن يصبح العراق بلد الأمان والحرية».(!!)