باراغواي: «أسقف الفقراء» ينضم ليساريي القارة الحمراء ويحتفظ بمسافة عنهم
أضاف فوز الأسقف الكاثوليكي فرناندو لوغو زعيم حزب يسار الوسط برئاسة باراغواي إلى الانتصارات المتلاحقة ليساريي أمريكا اللاتينية منذ انتخاب هوغو شافيز رئيساً لفنزويلا عام 1998 وجعل حكومات القارة الحمراء يسارية بالكامل، لتصبح بذلك كولومبيا آخر معقل للولايات المتحدة كظهير خلفي بأمريكا اللاتينية.
وبانتخاب لوغو الذي سيتولى الرئاسة رسمياً في أواسط آب المقبل وسط إشكاليات بتشكيل حكومة متجانسة بسبب عجز الأحزاب منفردة عن تحقيق اغلبية برلمانية تسمح لها بتشكيلها من لون واحد، تكون باراغواي قد تحرّرت من عصر حزب «كولورادو»، الذي فرض هيمنته على الحياة السياسية في باراغواي منذ عام 1946 من خلال تنظيم حديدي تراوحت أشكاله بين دكتاتورية الحزب الواحد، خصوصاً في عهد الرئيس الأسبق الفريدو ستويسنر (1954 ـ 1989)، والهيمنة غير المباشرة في نظام متعدد الأحزاب، خلال الحقبة الـ«نيوـ ستويسنرية» التي تلت الإطاحة بالدكتاتور السابق.
من جهة أخرى، شكل انتخاب لوغو انتصاراً لتيار «لاهوت التحرير»، الذي تعرّض منذ الثمانينيات لهجوم شرس قاده البابا الراحل يوحنا بولس الثاني، ورئيس مجمع الإيمان والعقيدة الكاردينال جوزف راتسنغر (البابا الحالي بندكتوس السادس عشر) بالتحالف مع إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان وقوى اليمين في أمريكا الوسطى والجنوبية. وذكرت صحيفة «السفير» اللبنانية أن العلاقات الباراغوانيةـ البرازيلية ستكون إحدى أدق الاختبارات التي يواجهها الرئيس الجديد في المرحلة المقبلة، بعدما تعهد بإعادة التفاوض حول الاتفاقات التي أبرمتها باراغواي مع جارتها العملاقة للاستثمار المشترك لمحطتي ايتايبو وياكريتا الهيدروـ كهربائية، والذهاب بهذا الملف إلى محكمة العدل الدولية إذا لزم الأمر، والحفاظ على مصالح المزارعين من خلال تحسين شروط تصدير منتجاتهم إلى البرازيل والأرجنتين.
«فتحت صفحة جديدة في تاريخ البلاد القومي.. نحن مقتنعون بأن باراغواي لها الحق في آفاق أفضل. لقد أحسسنا بذلك في آلام ودموع قسم كبير من الأمهات وتحرر العديد والعديد من الشباب من الوهم ومعاناة عدد كبير من الأطفال»، بهذه الكلمات خاطب أسقف الفقراء فرناندو لوغو مناصريه بعد فوزه التاريخي على المرشحة المحافظة بلانكا أوفيلار في الانتخابات الرئاسية. ووعد الأسقف السابق بـ«تغيير صورة باراغواي لئلا يعرف بعد اليوم ببلد الفساد بل ببلد النزاهة»، مطمئناً الموظفين من حزب كولورادو وهم الأكثرية العريضة بأنه «لن يحصل أي تطهير على أن المقياس الوحيد سيكون الكفاءة». وأكد أن باراغواي: «عادت الآن بعد غياب طويل إلى خريطة أمريكا الجنوبية والعالم».
ودفع إصرار لوغو على الحاجة إلى تغييرات عميقة قسم كبير من منتقديه المحافظين لاتهامه بأنه يشبه الرئيس الفنزويلي اليساري هوغو شافيز ونظيره البوليفي إيفو موراليس لكن لوغو ( 56 عاماً) قال إنه يعتبر نفسه «سياسيًا معتدلاً»، وأردف: «ربما أنهم يصفونني كيساري لأنني خضت معارك أولئك الأشد فقراً في المنطقة حيث كنت أقوم بعملي الرعوي لكني أصنف نفسي كسياسي يتبنى اتجاهات الوسط». وكان لوغو قد قال قبل إعلان فوزه بالانتخابات: «أود القول إن على باراغواي أن تختط لنفسها طريقاً خاصاً بها. عليها أن تخلق بالتدريج عملية تختلف عن مثيلاتها في الدول الأخرى أكانت فنزويلا أو الإكوادور أو بوليفيا».
ويواجه لوغو الذي كان بائع معجنات في طفولته تحديات كبيرة في تنفيذ برنامجه الانتخابي، الذي تعهّد فيه بمعالجة المشاكل الاجتماعية، وأبرزها الفقر الذي يطال حوالي 50 في المائة من شعب باراغواي والبطالة التي تتجاوز نسبتها 13 %، بالإضافة إلى مواجهة الفساد المزمن، الذي عانت منه البلاد طيلة حكم حزب «كولورادو»، في حين تبقى الأنظار معلقة باتجاه واشنطن وردود أفعالها التي آثرت التريث بالإعلان عنها منتظرة حسب إعلانها تشكيل الحكومة الجديدة في باراغواي لتحديد الموقف الجديد منها.