رايس وليفني ضيفتا «الاعتدال العربي»

لدى استقباله مؤخراً لوزيرة خارجية العدو الصهيوني تسيبي ليفني، بادرها أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة بالقول مازحاً: «تلقيت سبعة اعتذارات عن عدم المشاركة بسبب وجودك هنا في منتدى الديمقراطية... أرجو ألا تسببي المزيد من المتاعب»!

لم يكترث الشيخ حمد للاعتذارات السبعة عن الحضور (من بينهم رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري والرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي)، لأن العلاقات بين قطر والكيان الصهيوني قطعت شوطاً كبيراً من التطبيع العلني منذ سنوات، وانتقلت من حيز الدبلوماسية المحدودة إلى علاقات ثنائية حميمة. ففي العام الماضي استقبلت قطر شيمون بيرس رئيس الكيان الصهيوني وأحد أبرز مرتكبي المجازر ضد الفلسطينيين والعرب من دير ياسين 1948 إلى مجزرة قانا في الجنوب اللبناني عام 1996. ولعل أخطر ما تضمنته زيارة بيرس بعد سلسلة الاستقبالات الرسمية، هو اجتماعه لثلاث ساعات ونصف مع الهيئة التدريسية لجامعات قطر وعشرات الطلاب شارحاً لهم «عشق إسرائيل» للسلام الذي يصطدم بـ«الإرهاب الفلسطيني- اللبناني- السوري»!!

وبالعودة إلى زيارة تسيبي ليفني لقطر نسوق للقارئ ما قالته لصحيفة «هآريتس» عشية وصولها للمشاركة في «منتدى الديمقراطية»: «حماس ترفض خريطة الطريق ومقررات مؤتمر أنابوليس وتصنع الصواريخ لتقتل اليهود الأبرياء، وحزب الله أعاد تسليح نفسه بعد حرب تموز ويصر على استعادة مزارع شبعا ويرفض إعطاء أية معلومات عن الأسيرين الإسرائيليين لديه. أما سورية فهي ترفض المفاوضات السرية معنا وتصر على عودة الجولان كاملاً وتدعم الإرهاب الفلسطيني وحزب الله وترتبط بتحالف وثيق مع إيران»

نحن لا نناقش تقييم الكيان الصهيوني لحركات المقاومة أو لسورية، وكذلك لا نناقش كيفية نشوء الإرهاب الصهيوني منذ مؤتمر «بال» 1897 وقيام «الصهيونية السياسية» بدعم مباشر من القوى الإمبريالية آنذاك بسبب أطماعها الكبرى في منطقتنا. كما أننا لا نجهد أنفسنا بإقناع قادة الرجعية العربية بضرورة مواجهة المشروع الصهيوني، لأن هؤلاء- في الماضي والحاضر- أعداء شعوبهم وأحد ركائز هذا المشروع، منذ اتفاق فيصل- وايزمان 1914، إلى اتفاق عبد العزيز آل سعود- سيمحا إيرليخ 1939، وصولاً إلى استضافة قيادات الكيان الصهيوني في عواصم «دول الاعتلال العربي».

... ما يهمنا كإعلام مقاوم أن نضع الأمور في نصابها على صعيد الفرز السياسي في الفضاء العربي بوجه عام بين مشروعين واضحين: مشروع المقاومة الشاملة بكل مندرجاته، والمشروع النقيض بقيادة الإمبريالية الأمريكية والصهيونية العالمية ورأس حربتها «إسرائيل»، والرجعية العربية التي لم تكن يوماً إلا بوابات العبور للمشاريع الاستعمارية والاستيطانية.

لقد كتبت الصحافة الغربية عموماً والأمريكية خصوصاً، الكثير عن أناقة تسيبي ليفني وجمالها وطريقة انتقائها لثيابها خلال جلسات «منتدى الديمقراطية في قطر» وعن ثقافتها في إدارة الحوار مع مستقبليها.

... وهنا نرى من واجبنا تجاوز هذه الرموز والإشارات الزائفة والمقصودة، إلى ضرورة إطلاع القارئ على حقيقة شخصية تسيبي ليفني وسر اختيارها لهذا المنصب كوزيرة خارجية للكيان الصهيوني:

- إن والديها إيتان وسارة كانا من أبرز قياديي عصابة «الأرغون» الصهيونية بزعامة مناحيم بيجين التي اغتالت الكونت برنادوت وسيط الأمم المتحدة عام 1947 لمجرد أنه طالب بترسيم حدود «الدولة العبرية» المقترحة في قرار التقسيم. وتفتخر ليفني بأن والديها تزوجا يوم إعلان قيام الكيان الصهيوني في 15 أيار 1948.

- ترفض ليفني الطامحة إلى لعب دور غولدا مائير التخلي عن شبر واحد من أراضي الضفة الغربية المحتلة احتراماً لوصية والديها اللذين أقنعاها بأن «يهوه» أعاد شعبه إلى أرض الميعاد.

- أثناء عملها لأربع سنوات في قيادة الموساد كمسؤولة عن أرشيف المعلومات اكتشفت- حسب قولها- الخطر الديمغرافي الذي تشكله الولادات الفلسطينية كل يوم على مستقبل الكيان الصهيوني!

- بعدما خيب أولمرت أمل واشنطن في حرب تموز 2006، كثر الحديث في واشنطن وتل أبيب أن تسيبي ليفني هي المؤهلة لتكون رئيسة الوزراء المقبلة في الكيان الصهيوني.

من هنا تأتي خطورة استقبال ليفني في العواصم العربية ليس فقط لأن في ذلك إهانة لمشاعر الكرامة الوطنية لشعوبنا، بل لأن تسيبي ليفني من أكثر القيادات الصهيونية تمسكاً بالإرهاب واستمرار الاحتلال الصهيوني للأرض العربية.

وإذا كانت الصحافة الغربية لا تستطيع الكتابة عن جمال وأناقة كونداليسا رايس، فإن هذه الأخيرة سجلت رقماً قياسياً جديداً في حضورها شبه الدائم لاجتماعات دول (6 + 2) أي دول الخليج بالإضافة إلى مصر والأردن. وقد تبرع وزير خارجية البحرين الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة بتقديم هدية لرايس عبارة عن قميص منتخب البحرين لكرة القدم تضمن كلمة «كوندي ورقم 621». وحل هذه الشيفرة يعني: مجموعة الستة الخليجية + مصر والأردن والواحد هو الولايات المتحدة، والتي سيضاف إليها واحد آخر هو «عراق ما تحت الاحتلال».

وبقدر احتقارنا لمقدم الهدية ورمزيتها، نتذكر باعتزاز ما قام به اللاعب المصري محمد أبو تريكة في بطولة كأس أفريقيا 2008 لحظة تسجيل أحد أهدافه في البطولة، بأن رفع قميصه عن شعار كتبه على صدره: «تضامناً مع غزة»... ويا للمفارقة!

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.