توقعات وآفاق حول «كباش» قمة العشرين
سعد خطّار سعد خطّار

توقعات وآفاق حول «كباش» قمة العشرين

ثلاثة موضوعات رئيسية تتمنى روسيا أن تناقش كأولوية في قمة الـ20، وهي: الصين وأوكرانيا وسورية. هذا العام تجتمع الدول «الرائدة» في العالم في قمة مجموعة الـ20 في مدينة هانغتشو الصينية في الرابع والخامس من أيلول. وسيكون موضوع القمة هو بناء اقتصاد عالمي مبتكر وقابل للحياة ومترابط وشامل. وبالإضافة إلى ذلك، فإن قمة G20 بمثابة منبر للنقاش للقادة الدوليين، وساحة يمكن فيها معالجة المخاوف العالمية.

 

من المهم أن نلاحظ أن قمة مجموعة الـ20 ستكون بمثابة الشهادة النهائية للفشل الغربي الكامل لعزل روسيا سياسياً. قبل عامين فقط، بدت محاولة عزل الغرب لروسيا وكأنها قد اجتازت نقطة اللاعودة. عقدت قمة العام 2014 في أستراليا خلال الفترة المتوترة الناتجة عن استمرار الأزمة الأوكرانية، حيث كانت تتهم روسيا بأنها الجانية. وكانت المعالجة باردة في القمة لدرجة أن فلاديمير بوتين اضطر إلى مغادرة القمة في وقت مبكر.

وكانت القمة في تركيا في عام 2015 أكثر دفئاً تجاه روسيا، حيث أشارت وسائل الإعلام الدولية إلى المحادثة غير المتوقعة بين فلاديمير بوتين وباراك أوباما على هامش هذا الحدث.

في المقابل، يتوقع أن تكون قمة العشرين الحالية واعدة بالنسبة لروسيا، ويشي بذلك عدد الاجتماعات المهمة للرئيس الروسي مع قادة دول أخرى. الحدث المرتقب هو اللقاء الأول بين فلاديمير بوتين وتيريزا ماي منذ توليها منصب رئيس الوزراء البريطاني. وسيعقد بوتين أيضاً اجتماعاً غير رسمي مع أعضاء «بريكس» خلال قمة مجموعة الـ20.

بهذه الطريقة، حتى لو لم تخرج قمة الـ20 في هانغتشو بأية قرارات مهمة حول روسيا، فإن شركاء روسيا ينظرون إليها كلاعب عالمي حيوي، فما تزال آراء روسيا تؤخذ في الاعتبار، حيث أشارت بكين إلى أن الضيف الأكثر أهمية في القمة سيكون فلاديمير بوتين.

وفيما يلي بعض الموضوعات الهامة بالنسبة لروسيا، والتي سوف تناقش بلا شك خلال القمة.

تعزيز علاقات

 روسيا مع الصين

ووفقاً لغوي كونغيو، مدير إدارة شؤون أوروبا وآسيا الوسطى بوزارة الخارجية الصينية، «تملك روسيا الاقتصاد الرئيسي المتطور في العالم، ووجودها في مجموعة الـ20 سوف يكون له تأثير كبير على النظام الاقتصادي العالمي، وحل الصعوبات الاقتصادية العالمية.. وبالنظر إلى القضايا الاقتصادية في روسيا على مدى السنوات القليلة الماضية، قد تكون صحة التصريحات حول الدور الرائد لروسيا قد أصبحت موضع شك. لكن هذه التصريحات هي أكثر من شهادة لتحسين العلاقات بين روسيا والصين».

وأشار مسؤول وزارة الخارجية الصينية أيضاً أنه سيكون هناك اجتماع مقرر بين رئيسي روسيا والصين، والذي سيتم خلاله مناقشة زيادة التعاون الروسي- الصيني. هذه الاجتماعات ستسلط الضوء على توقيع اتفاقيات دولية جديدة، والتي ستمثل معلماً جديداً في العلاقات بين البلدين.

سيكون الموضوع المتوقع لمحادثات الرئيسين هو فكرة دمج طريق الحرير والاتحاد الاقتصادي الأوراسي. ومن المرجح أيضاً أن تكون هناك مناقشة لاتحاد أكبر يشمل منظمة شنغهاي للتعاون والاتحاد الاقتصادي الأوراسي ورابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان). هذا هو المفهوم الروسي لمنطقة أوسع للتجارة الحرة في المنطقة.

مصير مجموعة النورماندي واتفاق مينسك

تتضمن هذه القمة الهامة لروسيا في الصين اجتماعاً غير رسمي لثلاثة من أعضاء النورماندي الأربعة وهم روسيا وألمانيا وفرنسا. قبل هذا الاجتماع كان هناك تزايد ملحوظ في النشاط العسكري في منطقة دونباس. أعلن مسؤولون روس أيضاً أن هناك عملاً إرهابياً محتملاً يمكن أن يحدث في شبه جزيرة القرم. وبسبب الأحداث في شبه جزيرة القرم، أعلن بوتين أن اجتماعاً كاملاً لمجموعة النورماندي (بما في ذلك أوكرانيا) سيكون «بلا جدوى»، وبالتالي ليس من المرجح أن يحدث مثل هذا الاجتماع.

ولقد أدى هذا التكثيف في حالة الصراع الأوكراني حسب المحللين إلى إعادة تقييم الوضع بين روسيا وأوكرانيا، فضلاً عن إمكانية إعادة التفكير باتفاق مينسك  بعد وجود احتمال لفشله تماماً.

وفقاً لالكسندر باونوف، الباحث البارز في مركز كارنيغي موسكو: «فإن روسيا تستخدم ما حدث في شبه جزيرة القرم كسبب لإعادة تقييم الوضع في أوكرانيا مع الغرب، وخاصة بعدم وجود النظام والقدرة على الحكم لدى القيادة الأوكرانية».

لكنه لا يزال من السابق لأوانه الحديث عن حل مجموعة النورماندي، حيث يواصل بعض الأعضاء الحوار، وتصريحات بوتين تسلط الضوء على التوتر المتصاعد فقط. وسيكون موضوع أوكرانيا، بطريقة أو بأخرى على جدول قمة مجموعة الـ20، حتى ولو لم يصدر اتفاق رسمي، لأن ثلاثة من الأعضاء الأربعة موجودون في القمة، لذلك  فمن المرجح أن تجري بعض المناقشات حول أوكرانيا، لا أكثر.

الأزمة السورية

موضوع آخر لن يمر من دون مناقشة مستفيضة وهو الموضوع السوري، والحرب «العالمية» على الإرهاب. قبل عام واحد فقط، ومع تدخل روسيا (عسكرياً ودبلوماسياً على حد سواء)، أصبح الوضع السوري أفضل في مواجهة قوى الإرهاب الناشطة على الأرض السورية، وتم الانتقال إلى الهجوم وتحرير مدينة تدمر المهمة استراتيجياً، والتي كانت قاعدة هامة لـ«داعش».

بدأت القوى المتشددة المرتبطة بواشنطن تعيد تنظيم صفوفها وقامت بهجمات مرتدة وقد ذكرت وسائل الإعلام أن الخطر يزداد في حلب. وفي مثل هذه الحالة يكون التعاون بين الولايات المتحدة وروسيا ضرورياً. قمة مجموعة الـ20 يمكن أن تؤمن الفرصة للقادة لمناقشة هذه المسألة الحيوية، ولاسيما بين بوتين وأوباما، حسب مسؤولي الكرملين، علماً بأن الرئيس الروسي صرح علانية أنه ليس من شأن مجوعة العشرين مناقشة قضايا السياسة الخارجية والدخول في القضايا الداخلية للدول الأخرى، بل أن محور عملها هو القضايا الاقتصادية فيما بينها وعلى المستوى العالمي.

روسيا وتركيا..

 الأصدقاء مجدداً

أظهرت الأحداث السابقة، أنه يمكن للمشكلة السورية أن تطول دون مشاركة حيوية من لاعب رئيسي فيها، وقلب سياساته تجاهها، هو تركيا. ولكن تركيا قد أظهرت دائماً موقفاً متشنجاً سلبياً تجاه سورية. في هذا الموقف، تصرفت تركيا بشكل مدمر، كما هي الحال عندما أسقطت الطائرة الروسية فوق سورية. أدى هذا الإجراء إلى تبادل إجراءات قاسية بين البلدين وكادت أن تصل في بعض الأحيان، إلى مواجهة عسكرية.

أدت هذه السياسة إلى تدهور علاقات أنقرة مع جيرانها جميعهم. وهي أيضاً واحدة من الأسباب التي أدت إلى محاولة الانقلاب الفاشلة، ولكن الحكومة هناك توحي بأنها قادرة بعد كل شيء على السيطرة على الوضع إلى حد ما. هذا أدى إلى أن تبدأ تركيا بتغيير بعض من مسارها، ضمن محاولاتها إمساك العصا من المنتصف واللعب على ما بين الحبال الأمريكية/ الأطلسية- الروسية. وفي هذا السياق، سافر أردوغان إلى سان بطرسبرغ لرأب الصدع في العلاقات مع روسيا، معلقاً في وقت لاحق أن الأمور عادت إلى طبيعتها بين البلدين.

في قمة مجموعة الـ20، سيكون بوتين وأردوغان قادران على مناقشة عدد من القضايا، مثل حالة شرق المتوسط ككل، ومسار ما بعد الحرب السورية. يمكن للمرء أن يتوقع أيضاً زيادة في تطبيع العلاقات، بما في ذلك المحادثات حول نظام بدون تأشيرة للمواطنين الأتراك، وبناء أول محطة للطاقة النووية في تركيا بمساعدة من روسيا.