هل ستخرج إيطاليا من «المركب الأوروبي» أيضاً؟
بعد صدمة الاتحاد الأوروبي يوم 24 حزيران إثر نتيجة استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والذي من شأنه أن يخلق الكثير من الصعوبات الاقتصادية. يبدو أن قضية الديون في إيطاليا هي الخطر القادم الذي يداهم الاتحاد الأوروبي المتجه إلى التفكك بسبب أزماته، وكذلك هناك خطر آخر في هذه الحالة، وهو صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة.
كتبت الصحف الأوروبية أن حالة التناقض المستعصي بين إيطاليا والاتحاد الأوروبي حول عملية إنقاذ محتملة للنظام المصرفي المترنح في البلاد، بدأت تقترب يوماً بعد يوم، مما يهدد بمزيد من التحديات التي يمكن أن تواجه الاتحاد المصرفي الأوروبي، والتي تشكل أيضاً تهديداً محتملاً أكبر لاستقرار أوروبا بعد «Brexit».
أصبحت إيطاليا في ورطة بسبب تنفيذ سياسات صندوق النقد والبنك الدوليين بعد وصول القروض المتعثرة إلى 540 مليار دولار، ذلك وسط مأساة الحاجة إلى رأس مال جديد. ويريد رئيس الوزراء الإيطالي، ماتيو رينزي، تخصيص ما يعادل نحو 60 مليار دولار من التمويل العام للدولة لمحاولة تحقيق الاستقرار في القطاع المصرفي، معتقداً أن أصل المشكلة في كمية القطع النقدية الورقية في البنوك.
العجز يصل إلى 27.7 مليار يورو
تواجه إيطاليا مشكلة القروض المتعثرة، التي أجبرت الحكومة على إنشاء صندوق لمساعدة البنوك الضعيفة بقيمة 5 مليارات يورو تقريباً. وتجدر الإشارة إلى أن حجم مثل هذه القروض لدى أقدم بنك في إيطاليا، «مونتي باشي Monte Paschi» يبلغ 47 مليار يورو. ويطالب البنك المركزي الأوروبي بخفض هذا المبلغ بمقدار 8 مليارات يورو مع حلول نهاية عام 2017. وبشكل عام يبلغ الحجم الإجمالي للقروض غير المسددة في إيطاليا، 360 مليار يورو (399 مليار دولار)، وتبلغ ديونها 140 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وقالت وزارة الخزانة الإيطالية إن العجز في موازنة الحكومة في الأشهر الستة الأولى من عام 2016 بلغ 27.7 مليار يورو، بزيادة نحو 5.8 مليار يورو عن العجز المسجل في الفترة نفسها من العام الماضي.
وتدعي الوزارة أنه على رغم ارتفاع العجز في الأشهر الستة الأولى من عام 2016، فإن المالية العامة ما زالت تسير نحو الوفاء بأهداف الحكومة للعام بأكمله!! وسجلت موازنة القطاع العام انخفاض الفائض من 12.1 مليار يورو إلى 8.6 مليار يورو خلال حزيران الماضي. وبلغ العجز في الميزانية 2.6% العام الماضي في ظل ادعاءات الحكومة بإمكانية انخفاضها إلى 2.3 % هذا العام.
ولا يقل الاستفتاء الدستوري الذي سيجري في إيطاليا العام الحالي، خطورة عن الاستفتاء الذي شهدته بريطانيا. فالمؤشرات الاقتصادية وقضية الديون والمشاكل المصرفية، والاستفتاء بحد ذاته تشير إلى وقوع إيطاليا في حالة أزمة خانقة قد تشمل عواقبها أوروبا كلها، مرة أخرى.
وتجدر الإشارة إلى أنه سيتوجب على مواطني إيطاليا التصويت خلال الاستفتاء على موضوع تغيير مبدأ تشكيل مجلس الشيوخ في البرلمان وتركيز السلطة في أيدي أعضاء المجلس الأدنى (مجلس النواب) في البرلمان.
«فايف ستار» للخروج من الاتحاد الأوروبي
في حال وافق الإيطاليون على تنفيذ «الإصلاح الدستوري» المذكور فسيتمكن رئيس الوزراء ماتيو رينزي من تمرير قوانين أكثر ليبرالية. وفي حال رفض السكان تنفيذ الإصلاح فقد يؤدي ذلك إلى انهيار الحكومة الحالية واندلاع أزمة سياسية. ووفقًا لتقديرات الاتحاد العام للصناعة الإيطالية، إذا لم تتم الموافقة على الإصلاحات، فستشهد البلاد تراكم ديون جديدة.
ذكرت صحيفة «تليغراف» البريطانية أن الناخبين في إيطاليا يطالبون بحقهم في التصويت على عضوية بلادهم في الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو، في وقت تواجه فيه القارة الأوروبية عدوى الاستفتاءات، حسبما رأت الصحيفة.
وأضافت الصحيفة، في تقرير على موقعها الإلكتروني في حزيران الماضي، أنه بعد التصويت البريطاني على عضوية الاتحاد الأوروبي، يخشى قادة الاتحاد سلسلة من استفتاءات مماثلة قد تمزق المنظمة.
في إيطاليا، أعلنت حركة «فايف ستار» المعارضة للاتحاد الأوروبي، أنها قد تطالب باستفتاء على عضوية بلادها في منطقة اليورو، حيث يرغب الحزب في أن ينقسم اليورو إلى عملة لشمال القارة الغني وأخرى للجنوب.
ونقلت الصحف دعوة بيبي جريللو، زعيم الحزب الإيطالي المعارض، إلى استفتاء كامل على عضوية بلاده في الاتحاد الأوروبي، وقال: «حقيقة أن دولة مثل بريطانيا تجرى استفتاء على مغادرة الاتحاد، تشير إلى فشل المشروع الأوروبي».
يذكر أن «فايف ستار» فازت الأحد الماضي بـ19 مقعداً من أصل 20 في انتخابات المجالس البلدية في إيطاليا، وبذلك تضمن فوزاً في العاصمة روما ومدينة تورينو.
وفي هذا السياق، هنأ ماتيو سالفيني - زعيم حزب رابطة الشمال اليميني المتطرف في إيطاليا، والمتشكك تجاه الاتحاد الأوروبي بريطانيا لتصويتها لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي قائلًا: «إن إيطاليا ينبغي أن تكون التالية».