إيطاليا في مهب الفراغ السياسي مرة أخرى حليف واشنطن الأخطبوطي يعود لرئاسة الحكومة
انقلب المشهد السياسي في إيطاليا رأساً على عقب نتيجة الانتخابات التشريعية في نيسان الجاري والتي أوصلت سيلفيو برلسكوني إلى سدة الحكومة مرة أخرى بعدما كان الحال سيئاً له في نيسان 2006 بحكم هزيمته بأغلبية بسيطة آنذاك أمام منافسه مرشح يسار الوسط رومانو برودي وهو اليسار الذي خسر بدوره في انتخابات العام الجاري بزعامة فالتر فلتروني، ليبقى الشارع الإيطالي هو الخاسر الأكبر في ظل عدم وجود فوارق جذرية بين مختلف مرشحي الأحزاب السياسية القوية من يمين ويسار وغياب البدائل الشيوعية الحقيقية والفاعلة.
فبينما شكل وصول برودي في ذاك العام صفعة جديدة لسياسات اليمين وبرامج الليبرالية في أوروبا، وهزيمة لإخطبوط الإعلام الإيطالي برلسكوني زعيم يمين الوسط الذي تقدم للانتخابات مجدداً ببرنامج مناوئ للشيوعية بشكل سافر واستعراضي لم تشهد له إيطاليا مثيلاً منذ عام 1948، فإن خسارة برودي اليوم تشكل صفعة لسياسات اليسار الأوربي الفاقد للبرامج الواضحة وفشل مراهناته على الوعود الأخلاقية وعدم تمكنه من تجاوز التحدي الرئيس أمامه والذي كان يتمثل في تشكيل حكومة مستقرة لا تقع في دائرة السقوط السريع بسبب عدم الاستقرار والتجانس.
ومرة أخرى يعود برلسكوني لرفع سقوف وعوده الانتخابية، الليبرالية الواضحة والعنصرية ضمناً، متعهداً بإنشاء ما وصفه بـ«جيش الخير» لحماية الإيطاليين من «جيش الشر» المتمثل بالمهاجرين غير الشرعيين والجريمة المترتبة على استمرار تدفقهم على إيطاليا، وهو محكوم بهذا الوعد بفعل اضطراره من أجل تأمين الغالبية في البرلمان للتحالف مع رابطة الشمال اليمِينية المتطرفة والمناهضة للهجرة بزعامة امبرتو بوسي.
وحصل حزب برلوسكوني، فورتسا إيطاليا، على مئتين وأربعين مقعداً من أصل ستمئة وسبعة عشر في مجلس النواب مقابل مائتين وتسعة وثلاثين لليسار الذي يتزعمه فلتروني بحسب النتائج الرسمية النهائية للانتخابات دون احتساب النواب الإثني عشر المنتخبين في الخارج والنائب عن منطقة فالي داوستا.
وحصل اليمين على الغالبية المطلقة في مجلس الشيوخ بمئة وثمانية وستين مقعداً مقابل مئة وثلاثين لليسار وثلاثة للوسط بحسب نتيجة لا تشمل أعضاء مجلس الشيوخ الستة المنتخبين في الخارج.
وبعودة برلوسكوني إلى السلطة تفاوتت آراء الشارع الايطالي حول نظرتهم للانتخابات بين مؤيد ومعارض. وفيما يشعر كثير من الايطاليين بخيبة أمل من العمل السياسي ويشكون من إمكانية أن تستطيع الحكومة من التصدي لمشاكل الدولة، أكد خبراء اقتصاد إيطاليون أن مشاكل ايطاليا الاقتصادية «موجودة منذ فترة طويلة وهي متجذرة ومن الصعب رؤية أي تقدم على المدى القريب، أياً كانت نتيجة الانتخابات.