رقصة الجنادرية بين بوش وآل سعود!
استهل السفاح جورج بوش جولته في المنطقة بزيارة الكيان الصهيوني معلناً احتضانه الكامل لمشروع حكومة أولمرت حول «يهودية الدولة».
وهذا يعني أنه بارك سلفاً احتمالات التطهير العرقي والديني التي تتهيأ لها الطغمة العسكرية الصهيونية في تل أبيب. كما أيد بوش طرح المطلب الإسرائيلي بحل المشكلة الديمغرافية الفلسطينية عبر جدار الفصل العنصري و«تبادل الأراضي» والفرز السكاني تبعاً لذلك. وكان لافتاً إسقاط قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي وحقوق الإنسان المتعلقة بحق العودة للاجئين وفق القرار 194، بما يسمى بالتعويض، أي أن بوش انتقل من مصطلح «دولة لليهود إلى دولة يهودية صافية نابذة لأي شراكة إنسانية من عرق آخر». وهذا يعني حسب التحالف الإمبريالي ـ الصهيوني إغلاق القضية الفلسطينية، خاصة أن من يتولى المسؤولية الرسمية من أهلها ارتضى الخنوع تحت عباءة المفاوضات والمساومة ووضع نفسه في حالة مواجهة مع غالبية الشعب الفلسطيني التي تطالب بخيار المقاومة وتمارسه على الأرض بدماء الشهداء في مواجهة الاحتلال المدعوم بكل أشكال المساعدات العسكرية والاقتصادية والسياسية الأمريكية.
وهكذا دخلت جولة بوش من البوابة الإسرائيلية لتوسم جميع المعارضين لسياسة البيت الأبيض بالإرهابيين الذين يجب تأديبهم وخلق تبريرات لتوسيع رقعة الحرب في المنطقة.
وبالانتقال بين القدس المحتلة إلى شقيقتها رام الله المحتلة لم يكلف بوش نفسه عناء النظر إلى ضريح الراحل ياسر عرفات حتى ولو من باب البروتوكول. وكل ما قاله «ضيف المقاطعة العزيز» في رام الله «إن على السلطة الفلسطينية تنفيذ موجبات خارطة الطريق وخاصة البند المتعلق بالحرب على الإرهابيين ونزع سلاحهم»! أما حول وعود بوش بإنجاز «حل الدولتين» قبل نهاية 2008، فلن نكلف أنفسنا عناء دحضها وإظهار عدم مصداقيتها، طالما جاء الجواب على لسان إيهود أولمرت بالتوازي مع وجود بوش في رام الله، قائلاً: «ليس هناك اتفاق سلام في الأفق وتطبيقه غير وارد ولن نوقف الاستيطان ولن نقبل بعودة اللاجئين ولا مجال للحديث عن تقسيم القدس»! وهل هناك أوضح من الموقف الإسرائيلي وخياراته الإستراتيجية، وهل هناك من موجبات وطنية لاستمرار المفاوضات بين قريع ـ ليفني ، خصوصاً بعد أن تحولت تلك المفاوضات ـ المؤامرة ـ إلى غطاء لجرائم الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني والتي كان آخرها مجزرة غزة التي راح ضحيتها عشرين شهيداً وأكثر من خمسين جريحاً؟!
لم تخل جولة بوش من وجبة دسمة محملة بالرموز والإشارات. ففي القدس المحتلة تلقى بوش هدية من إيهود أولمرت عبارة عن بدلة صيد بألوان «العلم الإسرائيلي»، وعند انتقاله إلى دول الخليج «المضيافة» انهالت عليه في الكويت والمنامة وأبو ظبي والرياض جملة من الهدايا تتكامل مع «عدة الصيد» المهداة له من أولمرت، وكان أبرزها السيف السعودي من الذهب الخالص، وقلادة الملك عبد العزيز، والصقر الإمارتي الشهير بملاحقة الطرائد!
ولعل المشهد الأكثر حميمية بين آل سعود (أي هيئة البيعة المؤلفة من 36 أميراً هم أبناء وأحفاد عبد العزيز)، وبين جورج بوش والوفد المرافق، هو رقصة الجنادرية في مزرعة الملك عبد الله، حيث ارتفعت السيوف بأيدي بوش وآل سعود، وبالتأكيد لم يكن المقصود إشهار السيوف بوجه الاحتلالين الصهيوني في فلسطين والأمريكي في العراق، بل بوجه المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق وبوجه إيران وسورية وكل «من تسول له نفسه» رفض أو مواجهة مشروع الشرق الأوسط الكبير من قزوين حتى المتوسط.
وبالعودة إلى دروس التاريخ نجد أن الشعوب هي التي حطمت سيوف الأباطرة منذ جنكيز خان حتى هتلر، وسيأتي يوم تحطم فيه شعوب هذا الشرق العظيم السيف الإمبراطوري الأمريكي مع كل من والاه!
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.