أوجه أخرى لمعارك الأيام السبعة في البصرة
امتدت فترة الانتظار ثماني سنوات إلى أن أصبحت نور حاملاً لطفل كانت تنتظره بشوق.. في الأسبوع قبل الماضي صار فخرها وزهوها- علي- الضحية الأصغر للاضطراب الأمني المتصاعد في العراق. أصيب الطفل، وهو في الشهر الرابع من عمره، بالحمّى في اليوم الأول لبدء المعارك في البصرة . تحول الشارع الذي تقطنه العائلة إلى ساحة قتال، وصاروا مسجونين داخل منازلهم، غير قادرين على طلب المساعدة. انتشر المرض عند الطفل بسرعة. حاول الأب الخروج للبحث عن المساعدة فأصيب أمام المنزل بطلقة نارية في رجله.
«لم يكن لأحد القدرة على الوصول لمنزلنا مع الأدوية والطعام لغاية ما بعد ظهر يوم الجمعة بعد أن توفى علي في الصباح. مرّت ساعات قبل أن استوعب أن طفلي تحول إلى ملائكة. كان وجهه مضيئاً والابتسامة على شفتيه». «انتظرت طيلة حياتي الزوجية لأُرزق بطفل.. والآن أخذته المعارك السياسية السخيفة بعيداً عني،» قالتها الأم المنكوبة، وهي في حالة صدمة عميقة والدموع تسيل على وجنتيها. وأضافت «لا أجد سبباً لأعيش بعد الآن. هددني زوجي بالطلاق إذا لم أُرزق بطفل. وأشك حالياً أنه سيبقى على زواجه معي بعد أن رحل عنا علي».
احتج أب لثلاثة أطفال أن عائلته بقيت بدون طعام وكهرباء موضحاً: «لا يقبل الله أن يُعاني الإنسان- ولكن هذا ما يمنحه لنا عناصر المليشيات والحكومة، ولا ننسى أيضاً «الديمقراطية الأمريكية». هم يتصارعون من أجل السلطة والناس الأبرياء يقعون ضحايا من أجل لا شيء..»
بدأت المسيرات الجنائزية تأخذ طريقها إلى المقابر في بغداد والبصرة بعد توقف المعارك وإعلان الهدنة، والغضب واليأس يسود وجوه المشيعين. قال احد الطلبة العراقيين «قُتل عمي وابن عمي في القصف الجوي على مدينة الصدر. يقول الاحتلال الأمريكي أنهم يهاجمون المليشيات فقط ، ولكن كيف يمكنهم تفسير قتل الكادحين ممن لا دخل لهم في السياسة وصراعاتها؟»
تكشف نوعية الوسطاء بين الصدر وحكومة الاحتلال عن طبيعة هذه المعارك التي تصب في المطامع الطائفية من أجل القوة والسلطة. ورغم الترحيب بهذه الهدنة، فهذا لا يعني نصراً لحكومة الاحتلال، بل أنها أدت إلى المزيد من إضعافها. وهي حصيلة لا تحبذها القوة المحتلة في العراق أبداً. كما أن طبيعة هذه الهدنة التي ستتراوح بين استمرار الاستعدادات والهدوء القلق، سوف لن تحول دون تجدد مثل هذه المعارك بين الأطراف الطائفية المساهمة في العملية السياسية في ظل الاحتلال.
ترجمة: د. عبد الوهاب رشيد