حمدين صبّاحي، رئيس تحرير صحيفة «الكرامة» المصرية لـ«قاسيون»: المقاومة تعبّر عن ضمير الشارع العربي وتطلعاته..
مع قرب انعقاد القمة العربية العشرين في دمشق (عملياً بتاريخ صدور هذا العدد)، أجرت قاسيون اتصالاً هاتفياً مع الأستاذ حمدين صبّاحي عضو مجلس الشعب المصري، ورئيس تحرير صحيفة «الكرامة»، وطرحت مجموعة من الأسئلة وكان الحوار التالي:
• أستاذ حمدين أهلاً بك على صفحات «قاسيون».. برأيك، ماذا يريد الشارع العربي من القمة العربية التي ستعقد في دمشق؟
أعتقد أن الشارع العربي له آمال واضحة يعلقها على من يستطيع القيام بها، والنظام الرسمي العربي أعجز من أن ينهض بشيء منها.. فما يريده الشارع العربي هو وقف أطماع الدولة الصهيونية، والهيمنة الأمريكية على المنطقة. يريد موقفاً ضد الدعم الأمريكي اللامحدود لإسرائيل، وإجراء عربي فوري لفك الحصار عن غزة بالتحديد، وتفعيلاً جاداً لقرارات جامعة الدول العربية السابقة برفع الحصار عن الشعب الفلسطيني، ودعماً لموقف سورية الممانع للضغوط الأمريكية، ومراجعة جادة لقرار القمة السابقة والجامعة العربية ما سمي بمبادرة السلام مع إسرائيل، حيث ثبت أنه لا مجال لمثل هذا النوع من المبادرات.. وسلوك إسرائيل وأمريكا فيه تجاوز يومي لهذه المبادرة واحتقار لها.
يريد الشعب العربي موقفاً واضحاً من الاحتلال الأمريكي للعراق ومن السير نحو تفتيته طائفياً وتقسيمه، ومن الجرائم التي يرتكبها هذا العدوان كل يوم ضد الإنسانية وضد شعبنا العربي في العراق لخدمة إسرائيل.. يريد موقفاً من أجل تحرير العراق وضمان وحدة أراضيه ووحدته الوطنية.. يريد الشعب العربي موقفاً داعماً للمقاومة العراقية..
هناك مقارنة في الشارع بين المقاومين وبين النظام الرسمي العربي.. النظام الرسمي العربي الممثل في الجامعة العربية وقممها يختار التنازل للعدو، بينما المقاومة في العراق وفي فلسطين ولبنان تعبر عن ضمير الشارع العربي وتطلعاته..
• كيف يمكن العمل على تحقيق هذه المطالب الكبيرة في ظل التشرذم العربي، وضعف وانعزال النظام الرسمي عن مطالب الجماهير العربية، ومحاولة الامبريالية الأمريكية تقسيم دول المنطقة وقواها إلى معسكرين: أحدهما «معتدل»، وآخر متهم بالتطرف والإرهاب؟.
سيصعب جداً أن تصل هذه القمة إلى شيء يروي عطش الشارع ويلبي طموحاته.. لأن النظام الرسمي العربي معظمه تابع وواقع في أسر الهيمنة الأمريكية وقد عقد بعض زعمائه اتفاقات مع العدو الصهيوني معلنة وغير معلنة، وجزء من هذا النظام ينخرط في ما يسمى (محور الاعتدال) الذي حرصت الإدارة الأمريكية على تكوينه في محاولة لخلق اصطفاف عربي تابع لأمريكا في مواجهة إيران التي تسعى لامتلاك الطاقة النووية وهذا حقها.. هذا الانقسام في الموقف العربي لا شك سيضعف من إمكانيات هذه القمة، وأعتقد أن بوادره ظهرت في مستوى التمثيل الذي ظهر في الأمس.. تمثيل السعودية يعبر عن محاولة إضعاف إمكانية أن تفعل القمة شيئاً.
• أمام هذا الواقع، ما المطلوب من الشارع العربي، ومن القوى الوطنية العربية؟
نعرف جميعاً أن الشعب العربي مشاعره وآراؤه واضحة.. وهو بالتأكيد مع استقراره الوطني، ومع موقف يدعم كل مقاوم، لكن الشعب العربي لا توجد لديه آليات ديمقراطية في أقطاره تمكّنه من فرض هذه الإرادة على حكامه واحداً واحداً، وليست لديه للأسف منظومة فعل قومي عربي تمكنه من فرض هذه الإرادة.
إذا كان الأمر بالمشاعر المعبر عنها فهي لا تحتاج إلى تلسكوب لتُرى.. ويبقى السؤال معلقاً في رقبة الحكام.. هل هم مستعدون لاحترام الإرادة الشعبية والقوى الوطنية؟
• هل يمكن المراهنة على ذلك؟
أنا رجل لا أرى أي احتمال لتعديل النظام الرسمي العربي من مواقفه وسياساته.. ولا يمكن لهذه الأمة أن تعتمد في تحقيق أحلامها الكبرى على مثل هذا النظام ولا على مؤسساته القائمة، فمعظم هؤلاء مخترقون أمريكياً، وخاضعون لهيمنة واضحة من القطب الأوحد في العالم الآن.. ولا أنتظر منهم شيئاً، وهذه القمة بالنسبة لي لا تعني انتظار أي من مقرراتها، وليست لها قيمة لولا أنها انعقدت في دمشق.. العاصمة التي تمثل لي ولغيري حاضرة عظيمة في تاريخنا، وموقف سياسي شجاع مازال يمانع في الصلح مع العدو الإسرائيلي، ويقاوم الضغوط الأمريكية في المنطقة.. ويدعم المقاومة، وخصوصاً بعد محاولات إفشال انعقاد القمة..
• كيف تنظر إلى الدور المصري عربياً، خصوصاً بعد توقيع اتفاقيات كامب ديفيد؟
نحن في مصر لا نبذل جهداً من أجل موقف عربي جامع يعبر عن آمال الشعب العربي.. نحن مقيدون بكامب ديفيد.. وبالتالي تعجز مصر الرسمية عن فعل شيء إيجابي بالارتكاز للوزن التاريخي لها باعتبارها القطر الأكبر والقائد الطبيعي لأمتها.
منذ أن عقد السادات هذا الصلح الملعون.. تم تقييد عقلها وقلبها ويديها، وما نشهده من تفتت عربي هو الحصاد المر لغياب مصر عن أداء دورها، ودورها من أردأ الأدوار في هذه المرحلة.. نحن والعرب ننتظر منها أن تقف مع سورية، وأن تضغط على الرياض.. لكن حتى هذه اللحظة لم تقم بهذا الأمر.
• رغم أن خيار المقاومة الذي تؤمن به الجماهير العربية عموماً أثبت نجاحه في أكثر من موقع، إلا أن الحكام العرب يتعامون عن هذا الخيار، ويصرون على السير نحو ما يسمى بالاعتدال واللحاق بالركب الأمريكي ومشاريعه.. ما السبب برأيك؟!
فوائد المقاومة واضحة. نحن أمام مأثرتين كبيرتين للمقاومة، مقاومة عراقية استطاعت حتى الآن الصمود في وجه أكبر جيش في العالم، ويمكن أن تغير وجه العالم انطلاقاً من الهزيمة العسكرية المرتقبة لقوات الاحتلال الأمريكية في العراق، وأمامنا انتصار المقاومة في لبنان بقيادة حزب الله عام 2006 على العدو الصهيوني، وهناك أيضاً استمرار حالة مقاومة شعبنا العربي في فلسطين..
الحكام يرون ذلك، لكنهم لا يريدون أن يتعظوا بهذه الانتصارات، بالنسبة لهم دفع فاتورة المهانة والتبعية أكثر انسجاماً مع الحفاظ على كراسيهم.. وهذا اختيار طبيعي لأمثالهم..
• سؤال أخير.. هل مصر عائدة؟
بالتأكيد مصر عائدة، لأنها منذ زمن خارج مكانها وخارج مكانتها، وهذا مهما طال.. فهو مؤقت.