أوهام على الأوهام
للأوهام في تاريخ العرب نصيب وافر، كانت أحد علائمه خلال حروب عالمية في القرن العشرين، وبعدها، ومنها تلك الأوهام المعروفة بوعود ماكماهون، التي انتهت إلى معاهدة سايكس بيكو، وكانت مشكلة اللواء وانتهت لصفقة، ثم كانت قضية الشعب الفلسطيني وثوراته قبل قيام إسرائيل،
وكانت الأوهام تتعمق وتزداد تأثيراً ورواجاً وكان نضال الشعب الفلسطيني قربان تلك الحالة العربية الرسمية التي تبنى على الأوهام وتنتظر تحقيقها فتجد نفسها في مستنقع أعمق وأشد خطراً، حتى كانت كامب ديفيد وكان ملخصها «راحت مصر ولم تعد سيناء»، وكانت اتفاقات أوسلو وغيرها فكان مزيداً من التهويد ومزيداً من القتل والدمار وكثافة في الاستيطان، ثم كانت خارطة الطريق الأمريكية وتمزقت أكثر فأكثر أراضي الضفة وكان وعد الدولتين في عام 2008 كأبعد تقدير، ولم يعد جاهل إلا وعرف أن الأمر فقاعة صابون، وأن الذي يسري كالهشيم هو الشرذمة العربية، ونيران الطائفية، والحروب الفاترة بين الدول العربية، وسلسلة الأوهام تطول وتستمر حتى وصل الأمر لضرورة القول بموضوعه الملوك المدمنين على الأوهام.
ويبدو أن جيراننا الأفارقة استعذبوا رقصة الأوهام فهاهم يرون في من جده أفريقي منفذاً لأفريقيا، فأخذوا يطلقون اسم أوباما على مواليدهم الجديدة، ومنهم من أطلق الاسم على شوارع وساحات وأماكن أخرى.
الحقائق لم تسعفهم كي يذكروا أن أوباما، إن نجح فسيكون رئيساً لدولة الاحتكارات ما فوق القومية، وسيكون في نطاق الإستراتيجية الأميركية العولمية، وإلا كيف يمكن له أن يفوز في الانتخابات القادمة، أليس من الواضح أن الماكينة الدعائية الأكثر تأثيراً في الرأي العام الأميركي الراهن لن تغش ذاتها وهي ليست قاصرة عن فهم دور الرئيس الأميركي سواء أكان أوباما أو غيره.
إن الذي يعول على تغيرات هامة أو عميقة في سياسة الولايات المتحدة ينبغي أن يكون لديه رصيد قوي وواسع من المعلومات والأحداث التي تؤكد أن عمق التناقضات وتداعياتها نضجت وأنها أخذت تدفع جماهير وشرائح متعددة نحو برامج جديدة واستراتيجيات جديدة للولايات المتحدة الأميركية، وفي كل الأحوال، قد يكون أوباما بالشكل أقل شراً وسوءاً ولكنه لن يكون منقذاً للبشرية من مخاطر استراتيجيات الولايات المتحدة الأميركية.