وكالات وكالات

إخفاء جريمة أمريكا: مقديشو تتحول إلى خرائب خالية من أهلها

مقديشو، عاصمة الصومال، توقفت عن الحياة كمدينة. قبل أقل من سنتين كان عدد مواطنيها ثلاثة ملايين تقريباً، وصار أكثر من مليون بقليل قبل تسعة أشهر! وقد تحولت، في الواقع، إلى خرائب بعد تدمير جميع أجزائها، وصارت خالية من المدنيين، حسب BBC، بينما وصفتها منظمة حقوق الإنسان بـ«أكثر مأساة تعاني من تجاهل وسائل الإعلام العالمية».

وصف مراسل صحفي لـBBC بأن المدينة تعرضت لـ«تخريب منظم» نتيجة المعارك الطاحنة بين مقاتلي المقاومة وجنود الاحتلال الاثيوبي وحلفائهم، وعبّرتْ عنها المنظمة الحقوقية بـ«صدمة للعالم» جراء الدمار الذي أصابها، ومُصيبة للشعب الصومالي، إذ أُجبر الملايين على اللجوء، وحُشروا في المناطق الجنوبية المقفرة من الصومال، بعد تعرضهم للقصف المستمر.
أعلن موظفو الأمم المتحدة قبل عام بأن الصومال تعتبر «أسوأ أزمة إنسانية» في أفريقيا، وأكثر إلحاحاً من أزمة دارفور. بينما أصدرت منظمة العفو الدولية في مايو تقريراً تضمن أن المدنيين الصوماليين يتعرضون للهجمات بصورة متكررة، بخاصة من المحتلين الاثيوبيين وجنود القوات الحكومية التي نصبها المحتل الاثيوبي.
لماذا أهملت وسائل الإعلام العالمية تدمير العاصمة وتشريد أهلها؟ الجواب يكمن، بالطبع، في التمييز العنصري باعتباره السبب الأكبر. الأوربيون والأمريكان يتنصلون من الجريمة التي يقترفونها منذ قرون باستغلالهم البشع للقارة الأفريقية، وذلك بقلب حقيقة هذه الجريمة رأساً على عقب. ويبررون ذلك بقولهم أن الأفارقة همجيون لا يفعلون شيئاً سوى قتل بعضهم بعضاً. من هنا لا توجد أخبار عن حقيقة أوضاعهم. لكن مذبحة الصومال التي تركت مقديشو خرائب هي حصيلة مباشرة للسياسة الأمريكية: ما تُسمّيه واشنطن «الحرب على الإرهاب» التي هي في الواقع حرب مفتوحة بلا نهاية ضد السلام.
في ديسمبر 2006، شجعت الولايات المتحدة حليفها النظام الدكتاتوري الاثيوبي بسحق السلام القائم لدى جيرانه في الصومال، بعد استقرار نسبي عاشته البلاد لأول مرة منذ سقوط الصومال في الفوضى في عام 1991.
وفّرت الولايات المتحدة الأسلحة بسخاء للجيش الاثيوبي، وقدمت «المستشارين». وعندما أعطت الضوء الأخضر للنظام الأثيوبي وتعهدت بالمساندة، عندئذ شنّتْ اثيوبيا هجومها مدعمة بالطيران والأسطول البحري الأمريكي.
زعمت واشنطن، كعادتها، أن الصومال أصبحت وكراً لـ«القاعدة»، وبالاتفاق مع اثيوبيا تم تنصيب حكومة صومالية موالية ترأست مهمة تدمير وقتل العاصمة الصومالية التي كانت مدينة جميلة مسالمة هادئة.
أهملت وسائل الإعلام العالمية تدمير مقديشو، لأن الأخبار الحقيقية عنها تُشكل جريمة تقترفها أمريكا. ذلك أن واشنطن تُفضل موت ضحاياها بصمت. ومن المؤكد أن الخارجية الأمريكية التي تقود المؤسسات الإعلامية حولها بإشارة من إصبعها، لا تشجع أياً كان على زيارة مقديشو، رغم أنها توّاقة جداً لتسهيل ظروف الزائرين إلى دارفور!
ليس لدى الأفريقي الأسود- المحتفى به ««ابن أفريقيا»- باراك أوباما- ما يقوله بشأن هذا الكابوس الذي فرضه نظام بوش على الصومال، حيث سيرثه إذا ما اُنتخب في نوفمبر، أو ربما يُترجم صمته هذا بالكلام مع نفسه!