لذكرى أربعين الشهيد عماد مغنية.. غيفارا العرب
في سن الـ18 كتب على المناضل الشهيد عماد مغنية أن يبدأ حياته معلناً الثورة على الظلم والطغيان فانضم لحركة فتح الفلسطينية من أجل مقاتلة الكيان الصهيوني الذي شرد ملايين العرب أمام أعين العالم وخاصة أمام الأنظمة العربية التي أخرجت نفسها من التاريخ الحديث إلى أجل غير مسمى!
ولكن بعد اجتياح شارون لبنان عام 82 ودخوله بيروت كثاني عاصمة عربية تسقط بيد الاحتلال بعد القدس و وسط استسلام عربي مريح أجبر الإسرائيليين قيادة منظمة التحرير وحركة فتح على تسليم سلاحها والخروج من بيروت ولكن غيفارا العرب الشهيد مغنية أبى الاستسلام والخضوع للإسرائيلي فانضم إلى المقاومة الوطنية التي كانت تضم آنذاك شيوعيين وقوميين وإسلاميين وبدأت منذ ذلك الحين معركة الكفاح الطويلة في حياة عماد مغنية وساهم بتأسيس المقاومة الإسلامية وأقض مضاجع أمريكا وإسرائيل منذ تفجير مقر المارينز وتفجير السفارة الأمريكية في بيروت وأصبح شبح وأسطورة مغنية تلاحق الأمريكيين والإسرائيليين ودب الذعر في أوساط الرجعية العربية لأنهم لا يريدون ولادة مقاتلين آخرين يكونون مثالاً للشباب على طريق المقاومة. لقد انطلق عماد مغنية معلناً الثورة على قوى الطغيان والاحتلال وأطلق عليه الكثيرون وحتى الإسلاميون لقب غيفارا العرب.. والذي أصبح مطلوباً من مخابرات 42 دولة وكما كان الثائر الأممي تشي غيفارا مطلوباً من مخابرات عشرات الدول الغربية، جاء غيفارا العرب عماد مغنية أسطورة دوّخت مخابرات الأعداء حتى أصبح لغزاً يشبه الأسطورة فهل معقول أن يجتمع العالم الباغي كله في 42 دولة للانتقام من الرجل الخطير جداً بنظرهم! وهو البطل والثائر والأسطورة بنظرنا؟ والذي أصبح مفخرة لكل شريف في المنطقة ومثلاً رائعاً لكل صاحب كرامة، لقد رصت له المخابرات الأمريكية مبلغ 25 مليون دولار ثمناً لرأسه، ولكن عماد أغلى بنظر كل الشرفاء ومحبي الحربة أغلى من كل «مصارفكم وذهبكم ونفطكم؟!»
لقد جاء الخبر لكل الشرفاء والوطنيين صاعقاً وحزيناً وكانت الغالبية من شعبنا لا تعرفه لأنه الرجل الخفي أو الرجل اللغز، إنه القائد العسكري للمقاومة وهو مهندس حرب التحرير عام 2000 ومهندس حرب النصر في تموز 2006 على الجيش الذي لا يقهر.. كم نحتاج إلى إعطاء هكذا مناضل حقه، هكذا إنسان أفنى حياته في السفر والترحال متخفياً منتقلاً بين قرية وأخرى وبلد وآخر لأجل مبادئه السامية وليس صدفة أن تكون الشهادة العظيمة نهاية الأبطال، عماد مغنية و تشي غيفارا قاوما واستشهدا دفاعاً عن المبادئ، ولو اختلفت الطريقة والأسلوب فإن الهدف واحد. عماد مغنية الإسلامي على خط تشي غيفارا الشيوعي الذي قال كلمته الشهيرة «لا يهمني متى وأين سأموت لكن الذي يهمني هو أن تظل الثورة مشتعلة تملأ الدنيا ضجيجاً دفاعاً عن البؤساء والمقهورين في هذا العالم».
نعم سيصبح عماد مغنية مثلاً أمام الشباب العربي ولا يهم اختلاف الدين أو الطائفة أو طريقة التعبير فأجمل ما قرأت في صحيفة لبنانية أن المناضلة الشيوعية الوطنية سها بشارة قد نعت الشهيد مغنية وهي تعرفت عليه في بدايات انخراطه بالمقاومة، نعم إنه التحول الكبير في حياتنا نحن العرب «شيوعية تنعي صديقها الشهيد الإسلامي».
إنه طريق الكرامة والشرف، نعم سيكتب التاريخ بأحرف من ذهب اسم عماد مغنية والذي جعل لأول مرة بالعصر الحديث أرض الميعاد للإسرائيليين تحت مرمى صواريخ المقاومة وفرض على مليونين من المستوطنين الاحتماء بالملاجئ لأول مرة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي.
فتحية إلى المقاوم الوطني الكبير السيد حسن نصر الله الذي سيحفظ له التاريخ أنه الرجل العربي الكبير والإسلامي المنفتح الذي عرف اتجاه البوصلة بدقة، إنها بوصلة الصراع الأساسي مع الصهاينة والأمريكان، وليس بين الإخوة كما يفعل المارقون من ذوي الفكر التكفيري على شاكلة ابن لادن والإخوان؟!