رسائل «غربية»: «الجزرة» وَهْمٌ.. و«العصا» حقيقة!
شأنه شأن كل علاقة طردية بشكلها،عكسية بمضمونها، فإنه كلما ازداد الحديث عن «السلام»، كُثرت احتمالات الحرب، وكلما كُثر التلويح بـ«الجزر»، ارتفع منسوب استخدام «العصي»!
واللعب ضمن لوحة التشابكات الداخلية والإقليمية والدولية في قضايا المنطقة وبلدانها بات يأخذ حالياً مختلف الأشكال: «الدبلوماسية-البرتوكولية» و«على المكشوف» و«تحت» الطاولة و«فوقها» و«تحت الحزام».. والجميع يناور على «الوقت» وما قد يحمله من تغيرات، دون أن يعني ذلك بالطبع أنه سيخدم، على طول الخط، جميع الأطراف ويحقق مصالحهم كلهم، فحتى «أنجح» التسويات المنجزة على أساس «لا غالب ولا مغلوب» تتضمن في نهاية المطاف «غالباً ومغلوباً» بدرجة أو بأخرى..
بالملموس شهدت الفترة المنصرمة «انقلاباً» غربياً بالتعامل مع سورية، وتحديداً في باريس وعبرها، مع وعود بسلة غلال «جزرية» وافرة، على أن «تلعب» من بين عدة أشياء جديدة مطلوبة دور «الوسيط الضاغط» على طهران، والرسائل ضمناً كما أظهرتها بعض التطورات السابقة واللاحقة يمكن صياغتها كما يلي:
«إذا لم تقطعي علاقتك بإيران وحزب الله وفصائل المقاومة الفلسطينية وتتدخلي على طريقتنا بالعراق، وتتخلي عن كل ما قامت عليه سياستك خلال العقود الماضية وتتنكري له وتقبلين بـ«تسوياتنا» السلمية، فإننا سنواصل المؤامرات والمغامرات والاختراقات الأمنية، وسنضغط بكل الوسائل والأدوات لتفجير الوضع الاجتماعي على خلفية تردي الوضع الاقتصادي المعيشي بسبب «جزراتنا» متعددة الأشكال والألوان، وإذا عجزت كل الضغوط الداخلية والخارجية فقد نجعل العصا أكثر إيلاماً»..!
عليه، وخلافاً لما تردد، ورغبات باريس وواشنطن وتل أبيب، فقد جرى إعلان سوري رسمي في طهران مفاده أن «دمشق لن تكون وسيطاً وستتابع تحالفها مع طهران وعلى أعلى المستويات وفي كل المجالات مع الاحترام المتبادل لسياسات ومصالح كل طرف..». وربما تكون زيارة طهران، وأنقرة من بعدها، تندرجان في سياق «التنسيق العسكري» مع الأولى ومحاولة «ضمان حياد» الثانية في حال اندلاع أية مواجهة مرتقبة في المنطقة بذريعة الملف النووي الإيراني من نُذرها مؤخراً رغم كل أحاديث التهدئة والسلام: التحذير الأمريكي لطهران بألا تغلق مضيق هرمز، المناورات الإسرائيلية على صد هجوم صاروخي من إيران وسورية وحزب الله، وقبلها الصفقة الأمريكية لتطوير سلاح الجو الإسرائيلي، والتلويح بعقوبات جديدة على طهران..
وهنا مرة أخرى ينسحب منطق «العصا» الحقيقية و«الجزرة» الخلبية ذاته على كل ملفات المنطقة:
«..فإذا لم تردي يا إيران على «جزرة» «الحوافز» بالصيغة التي نريد، وأنت لم تفعلي، فإننا سنرفع مبدئياً إلى «الجزء الرابع» مسلسل عقوباتنا، ولا نضمن أي تهور أو طيش عسكري من «تل أبيب» أو «الخارجين قريباً من البيت الأبيض»... وإذا لم يقبل الشعب العراقي «صاغراً»، وأنصار تحرره في المنطقة، بـ«الاتفاقية الأمنية» التي تطيل أمد احتلالنا لبلاده فإننا، من باب المثال لا الحصر، سنفجر مجدداً الوضع في كركوك، وقد نبدل تحالفاتنا في العراق ضمن نفخنا في بوق التفرقة فيه ومساعي تقسيمه.. وإذا لم تعلن حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية التوبة عن معاداتها لنا فسنواصل الجرائم والاغتيالات والاعتداءات، وفوق الحصار والقتل سنفجر الوضع في الضفة والقطاع ونشحن الاقتتال المتجدد بين فتح وحماس.. وإذا لم يجر الوضع في لبنان كما نريد فسنفجره من طرابلس، ربما، وسنضغط على اليونيفيل بخصوص حزب الله وتسليحه عسى تحدث مواجهة ما بينهما تستدعي تدخلنا العسكري وتتيح لنا- إذا استطعنا- تصفية حساباتنا.. وفي كل الحالات فإننا نراهن على سقوط أول قطعة دومينو علها «تفرط» سلسلة المعيقات أمام مشروعنا المتعثر في المنطقة..
أما «المسرحيات» التضامنية التي تجريها منظماتكم وهيئاتكم الرسمية والشعبية بخصوص السودان و«مذكرة الاستدعاء» فإنها بأحسن الأحوال تشبه ما فعلتموه في فترة ما قبل غزونا للعراق، دون أن يعني ذلك بالضرورة أننا بصدد إعادة الكرّة بالشكل ذاته مع الخرطوم، ولكنكم تعرفون في الوقت ذاته أنها وثرواتها وتنوعها العرقي والاجتماعي والحضاري ومزاج شعبها وموقفه المعادي لسياساتنا موجودة على دريئتنا وتحت نيران تدخلاتنا منذ زمن طويل، كما هي الحال مع بقية بلدانكم وشعوبها....»
«اختاروا بين الجزرات الوهمية أو العصي الحقيقية.. وإلا فإنا نعدكم بـ«سنوات ضياع» تتجاوز آثارها نسب متابعة السواد الأكبر من جمهوركم لـ«ملحمة» «نور ومهند» وهم ينتظرون ردوداً حاسمة متكاملة ومنسجمة الأبعاد سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وديمقراطياً على رسائلنا هذه...!».
هذا ولا يزال «الترقب الحذر» سيد الموقف حتى ساعة إعداد هذا الخبر..
■ عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.