المقاومة تستعيد أبناءها.. والصمود «بالقنطار»!

مثلما هناك عولمة ضد الشعوب عبر الحروب والتجويع، من المطلوب ودون إبطاء أن تكون هناك عولمة من المظلومين ضد الظالمين في جهات الأرض الأربع. ففي أعقاب ما سماه الكيان الصهيوني بحرب «الأيام الستة» واتخذ منه الإعلام الصهيوني والإمبريالي عموماً مصطلحاً تصدر كل نشرات الأخبار وعناوين الصحف وأسماء الأفلام والمسرحيات التي «تمجد قوة الجيش الذي لا يقهر»، كان مشهد وزير الحرب آنذاك موشي دايان في فناء المسجد الأقصى، يشبه نصل خنجر مسموم في وجدان شعوب المنطقة التي ابتليت بحكامها ووحشية غزاتها من كل حدب وصوب!

تراكم فعل المقاومة رغم كثرة المشككين بجدوى عملياتها قبل حرب 1967 وبعدها. ولعل المفارقة تكمن في أن العدو الصهيوني وحماته الإمبرياليين، هم من تنبه إلى خطورة فعل المقاومة وقدرتها اللاحقة على المواجهة وإلحاق الهزيمة بالمخطط الإمبريالي ـ الصهيوني في المنطقة. ولعل هذا هو سر الأسرار في إصرار واشنطن على أي نظام عربي أن يعلن الحرب سراً أو علناً ضد المقاومة سواء أكانت عسكرية أم سياسية ترفض الاعتراف بالكيان الصهيوني.

يوم استشهدت دلال المغربي على أرضها في فلسطين عام 1978، توهمت أجهزة الأمن الصهيونية أن دفنها ورفاقها في مقبرة سرية سيطوي ذكرها ومآثرها البطولية لتصبح نسياً منسياً.. وإذا كانت المقاومة في أمريكا اللاتينية لم تنس لحظة قائدها الشهيد تشي غيفارا، إلى أن عرفت المكان السري الذي أخفي فيه جثمان البطل  ـ القديس بعد أكثر من ثلاثين عاماً، فإن المقاومة اللبنانية ليست فقط انتصرت في الميدان على جيش موشي دايان الذي أمكن قهره فعلاً رغم الفارق الهائل في العدة والعدد، بل تمكنت إرادة المقاومة من استعادة الأسرى وجثامين الشهداء بالتدريج، إلى أن جاء دور الشهيدة دلال المغربي ورفاقها مع من تبقى من الأسرى اللبنانيين على مبدأ المثل الشعبي القائل: «حصة الغالي للتالي». وكأن قدر دلال المغربي ورفيقها الشهيد الحي سمير القنطار مثل الشعلة الأولمبية أن ترفع على الأكف من مكان إلى آخر. وخير مكان للشهيد والمناضل عقول وأفئدة الثوريين والذاكرة الشعبية التي تنقل جوهر مآثرهم من جيل لآخر كي لا يسقط بيرق المقاومة من أيدي الرجال ـ الرجال الذين هم في كل زمان ومكان معقد الرجاء وموضع الرهان.

إن الذين جروا عربة غورو بعد استشهاد البطل يوسف العظمة توهموا بديمومة الاحتلال، فسرعان ما استحقوا لعنة الشعب حتى اللحظة، وتحول يوسف العظمة إلى رمز الرموز الوطنية المقاومة.. وهنا يصبح مطلوباً من أحفاد يوسف العظمة الملتزمين خيار المقاومة ليس فقط تحرير الجولان، بل استعادة أسرانا السوريين ورمزيهما الكبيرين سيطان الولي وبشير المقت بعد سبعة وعشرين عاماً في زنازين الاحتلال الصهيوني..

فمثلما فعلتها المقاومة اللبنانية الباسلة وحررت أرضها واستعادت أسراها وجثامين أبنائها، لابد أن تفعلها المقاومة السورية التي سبق أن أرسلت أبطالها المجاهدين إلى فلسطين «عز الدين القسام 1919»، وإلى مصر «سليمان الحلبي قاتل الجنرال كليبر، وجول جمال 1956»، وإلى لبنان «نضال آل رشي وحكمت قطان 1982»، وإلى الجولان «من شكيب أبو جبل إلى سيطان الولي»، لمقاتلة التحالف الإمبريالي ـ الصهيوني!

وبالعودة إلى عملية تبادل الأسرى والتحضيرات الشعبية لاستقبالهم، لابد من الوقوف ملياً أمام ما قاله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله: «إن هذا الانتصار يجب أن نحوله إلى مناسبة وطنية جامعة تفتح الباب أمام حوار وطني شامل». ويجب هنا ألا نعير الانتباه إلى «فرسان» المحاصصة الطائفية الذين أغاظهم تحرير الأسرى وعودة جثامين الشهداء. وإذا كنا نعرف الأسباب الحقيقية «لتحفظ» بعض أقطاب فريق 14 شباط على شكل ومضمون عملية التبادل، فإن المقاومة تتعالى على كل ذلك الدنس السياسي وغياب القيم عند خصومها الذين لم يعترضوا بكلمة واحدة بشأن إشراف القائمة بالأعمال الأمريكية في بيروت مشيل ساسون على تخريج فوج عن قوى الأمن الداخلي اللبناني، في حين قام فقراء الجنوب آباء وأمهات الشهداء بطردها «وصحبها من اللبنانيين» من أرض شرفها المقاومون ببطولاتهم وتضحياتهم ودمائهم الزكية. 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

آخر تعديل على الجمعة, 02 كانون1/ديسمبر 2016 17:46