حرب «الكارتيلات» المكسيكية داخل الحدود الأمريكية
أوردت صحيفة «لوموند» الفرنسية في عددها الصادر في /24/3/2009، تحقيقاً بقلم المراسل الخاص لها في مدينة إل باسو، بولاية تكساس، نيكولا بورسييه، أكد فيه «إنّ ذكر المكسيك والمدينة المواجهة، ثيوداد خواريز، الواقعة على الجانب الآخر تماماً من النهر الكبير و«ستاره الحديدي»، يعادل المخاطرة بالخضوع لسلسلة لا تنتهي من الجرائم والفظائع المرتبطة بحرب المخدرات وقتلتها المأجورين». وينقل المراسل عن زميله في المهنة رامون براكامونتيس، تأكيده: «أنا نفسي خائف. لقد أكّدت لي السلطات الأمريكية بأنّها لم تعد قادرة على ضمان حماية مواطني الولايات المتحدة. وعلى هذا الجانب، نشهد عنفاً متزايداً كل يوم».
وتتابع الصحيفة أن أكثر من 800 شرطي وعسكري قتلوا منذ كانون الأول 2006. ونحو ستة آلاف عملية اغتيال تمّ إحصاؤها في العام الماضي (ضعف عدد الحالات في العام 2007). قبل عيد الميلاد، اكتشفت سلطات مدينة شيلبانثينغو الصغيرة ثمانية رؤوس جنود مقطوعة مغلفة في أكياس بلاستيكية ثم ثلاثة رؤوس أخرى في براد في سيوداد خواريز في كانون الثاني. بعد بضعة أيام، أتى دور مسؤول الشرطة المحلية كي يستقيل تحت ضغط كارتيلات المخدرات. أما رئيس بلدية تلك المدينة الحدودية، فقط انتهى به الأمر بالاستقرار مع أسرته في إل باسو المقابلة.
فيما قبل، في كانون الأول 2006، أقرّ الرئيس المكسيكي فيليبه كالديرون لدى انتخابه بأنّ «الجريمة المنظمة أصبحت خارج السيطرة». منذ ذلك الحين، نشر رئيس الدولة، المحافظ والمناصر لتبني إستراتيجية قوية ضد الجريمة المنظمة، 45 ألف جندي ضد عصابات تهريب المخدرات، منهم نحو خمسة آلاف مسربلين بالأسود ومسلّحين تسليحاً ثقيلاً، لمدينة ثيوداد خواريز وحدها.
تضاعفت الاعتقالات- التعسفية غالباً، وفق منظمات حقوق الإنسان. وبلغت تصفية الحسابات في السجون ذرىً جديدة. وكذلك الهجمات على المنازل والابتزاز والاستيلاء على الكوكايين واحتجاز الرهائن والاغتيالات، فبلغ عدد جرائم القتل 1100 جريمة في الأسابيع الثمانية الأولى فقط من السنة.
ويذكّر التحقيق في الصحيفة أنه في تشرين الثاني 2008 تمت إدانة نويه راميريز، الوكيل المكلف بالوحدة المتخصصة بالجريمة المنظمة في البلدة، لأنه زود كارتل «سينالوا» بالمعلومات مقابل نصف مليون دولار شهرياً. وفرانشيسكو فيلاسكو ديلغادو، رئيس شرطة كانكون، الذي أوقف لأنه حمى كارتل «الخليج»، المسؤول حسب الإدعاء العام عن اغتيال أحد الجنرالات في كانون الأول.
وكانت أريزونا شهدت زيادة مقلقة في الجريمة، وأصبحت هذه الولاية الحدودية المنصة الأمريكية الشمالية الرئيسية للهجرة غير الشرعية ولتجارة المخدرات. في أماكن أخرى، وعلى مجمل الأراضي، تسيطر الكارتلات المكسيكية على معظم السوق، وفق تقرير للمركز الوطني للمعلومات حول المخدرات. يقال إنّ هذه الكارتلات مرتبطة بالعصابات الأمريكية، وإنها توصلت إلى الانتشار في 230 مدينة أمريكية.
في هذا السياق، شرح الجنرال فيكتور رونوار، رئيس قيادة منطقة أمريكا الشمالية، يوم السابع عشر من آذار أثناء جلسة استماع في مجلس الشيوخ، بأنّ واشنطن تعتزم إرسال مزيد من القوات أو العملاء المتخصصين إلى الحدود. وقال إنّ كل مكونات قوات النظام والجيش ربما تصبح معنية بهذا القتال، لكن دون أن يقدّم تقديراً للاحتياجات.
قبل أسبوعين من ذلك، طالب ريك بيري، حاكم تكساس الجمهوري، بإرسال 1000 رجل إضافي. وقال: «لا آبه بمعرفة إن كانوا عسكريين أو من الحرس القومي أو عناصر جمارك. نحن قلقون جداً بسبب عدم اهتمام الحكومة الفيدرالية بأمن الحدود كما ينبغي».
وأمام احتمال قيام عسكرة جديدة للحدود، حثّ الرئيس المكسيكي منذ بضعة أيام واشنطن على أن تراقب من جانبها عن كثب ما تستورده من أسلحة وبيعها للعموم. وطلبت المكسيك فرض مراقبة أكثر صرامة للحدود التي تتلقى منها الكارتلات ترسانتها وملايين الدولارات نقداً عبر الولايات المتحدة، علماً بأن ما بين 75 بالمائة و90 بالمائة من الأسلحة التي يستخدمها مهربو المخدرات تأتي من الولايات المتحدة، وأكثر من ثلثي المخدرات تأتي عبر المكسيك التي ترتبط مع جارتها الشمالية بخط حدودي طوله 3200 كيلومتر، مع 14 مدينة توءم على جانبي الحدود، مع مئات الخطوط الجوية والمنافذ الحدودية التي يعبر منها نحو 5.5 مليون أمريكي إلى المكسيك كل عام، نصفهم إلى شواطئ كانكون.