عمرو موسى يقلد جعجع وساماً؟!

عندما غنى المطرب الشعبي المصري «شعبولا» أغنيته «أنا بكره إسرائيل وبحب عمرو موسى» كان يعتقد أن الأمين العام للجامعة العربية يمثله في مقاومة الكيان الصهيوني، يوم فقد الشارع المصري ثقته بالقيادة المصرية الرسمية التي لم تعرف إلاّ تقديم التنازل تلو الآخر أمام التحالف الإمبريالي- الصهيوني على حساب كرامة مصر وشعبها ودورها التاريخي في الصراع العربي- الصهيوني!

..وجرياً على ما يؤكده المثل الشعبي: «عند الامتحان يكرم المرء أو يهان»، فإن عمرو موسى لم ينجح في أي امتحان في كل المحطات السياسية التي أعقبت أغنية «شعبولا»، وإذا كان الأمين العام محكوماً بسقف النظام الرسمي العربي والذي يسمح له بالاستمرار في منصبه أو يستبدله بموظف آخر، فإن أوهام البسطاء في الشارع العربي عن وطنية مواقفه ضد الكيان الصهيوني لم تكن في محلها. وهكذا في كل مرة كانت تنطبق مقولة «ذاب الثلج وبان المرج»:

ـ يوم صمدت وانتصرت المقاومة اللبنانية في أقسى وأشرف معارك القرن الواحد والعشرين ضد جيش العدوان الصهيوني لم يفكر عمرو موسى أن يتشرف بزيارة الجنوب اللبناني أو التعرف على ملاحم البطولة التي صنعها المقاومون اللبنانيون في «مارون الراس» و«عيتا الشعب و«وادي الحجير»، بل كانت زيارته للبنان تقتصر على لقاء فؤاد السنيورة وقادة 14 شباط والبطريرك صفير وبعض لقاءات المجاملة للمواقع الرسمية (مجلس النواب، رئيس الجمهورية)، أما قادة المقاومة فهذا ما لم يجرؤ عليه عمرو موسى لأسباب أصبحت معروفة الآن لكل الشارع العربي.

ـ وإذا كان الأمين العام لا يجرؤ صراحة على  اعتبار الكيان الصهيوني جزءاً من منظومة العلاقات الأمنية الإقليمية التي تؤمن التكامل بينه وبين السيطرة الأمريكية على دول المنطقة، فإن عمرو موسى لم يغب مرةً واحدةً عن أي محفل إقليمي أو دولي كانت تحضره قيادات إسرائيلية من الصف الأول، ففي محفل دافوس الاقتصادي- السياسي كان جالساً على مقربة من شيمون بيرس، وزاد من حرجه وسقوطه في الامتحان يومذاك احتجاج رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الذي وجَّه كلاماً قاسياً ومحقاً ضد بيرس وكيانه الغاصب قبل أن يغادر المكان!

ـ لعل أكثر ما أحرج الأمين العام للجامعة العربية في الزيارة إلى قطاع غزة والتي جاءت متأخرةً أربع سنوات، تلك اللافتة التي رفعها المواطن الفلسطيني كمال أبو ندى في وجهه تقول: «دمنا جف.. لماذا جئت متأخراً؟»..

إنها زيارة رفع العتب وقد جاءت بقرار دولي وعربي رسمي غير معلن لامتصاص غضب الشارع العربي والمصري تحديداً بعد مجزرة السفينة «مرمرة» التي ارتكبها جيش الاحتلال ضد سفن أسطول الحرية.

وكان لافتاً أن عمرو موسى قصد قطاع غزة المحاصر وحيداً إلاّ من حراسته الأمنية المبالغ بها، ولم يتجرأ الأمين العام على عقد اجتماع للجامعة العربية على مستوى المندوبين داخل القطاع المحاصر، ويعرف أهله الصامدون أن المدد لا يأتيهم من النظام الرسمي العربي التابع.

ـ بعد ساعات من عودته الميمونة من قطاع غزة استقبل عمرو موسى ضيفاً استثنائياً من لبنان ولقبه الرسمي رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع، والذي تصادف وجوده في القاهرة بعد أيام من ذكرى استشهاد رئيس وزراء لبنان الأسبق رشيد كرامي على أيدي سمير جعجع والموساد الإسرائيلي.

وإذا كان الأمين العام مضطراً لاستقبال جعجع بعد الحفاوة اللافتة التي لقيها الأخير من الرئيس مبارك وعمر سليمان وأبو الغيط، فما الذي أجبر عمرو موسى على القول أمام الصحفيين: «إن جعجع هو أحد الزعماء والمفكرين اللبنانيين، وإن النقاش معه كان مفيداً للغاية..»؟!

لعل الجواب يكمن فيما قاله جعجع من هجوم على حزب الله والمقاومة عندما تحدث في مؤتمره الصحفي بعد لقاء مبارك: «لا يمكننا تصور وجود دولة تحترم نفسها وفيها حزب يدخل السلاح دون علمها»!

ومن جانب آخر يمكن فهم أبعاد ودلالات زيارة جعجع للقاهرة وتوقيتها بعد قرار مجلس الأمن باتخاذ عقوبات جديدة ضد إيران وبعد تصريحات محمود عباس التي تعترف لليهود بحقهم في «أرض الميعاد»، وبعد لقاء البطريرك صفير في باريس بناظر القرار 1559 تيري رود لارسن، وكذلك بعد قيام حكومة نتنياهو بتشكيل «لجنة تحقيق» تعطي الحق للمجرم بتبرئة نفسه من دماء شهداء أسطول الحرية!!

وإذا كنا لسنا بصدد تذكير عمرو موسى بالماضي الإجرامي لسمير جعجع، فإن جوهر موقفه الآني من المقاومة يكفي لاستمرار إدانته ووضع من يستقبله في دائرة الشبهة، سواء أكانوا أفراداً اعتباريين أو طامحين لمنصب رئاسي بدعم خارجي أو عربي!

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.