ظفر بانغاش ظفر بانغاش

سياسة النفط الخام في العراق المحتل

ثمار الحرب على العراق على حساب 1.3 مليون من الضحايا العراقيين، وتكاليف تتجاوز تريليوني دولار قد حان قطافها من قبل الغرب، بخاصة الشركات الأمريكية متعددة الجنسية، بسيطرتها على جانب من أكبر حقول النفط في العالم..

ترجمة: د. عبد الوهاب رشيد
بدأت سرقة نفط العراق تتسارع من قبل الغرب في سياق النمط الاستعماري النموذجي.. قام المسؤولون السابقون في إدارة بوش في العراق بتسهيل عملية السطو الضخمة، ويضم هذا الرهط جيه غارنر، أول رئيس لإدارة سلطة الاحتلال الأمريكي في العراق بعد الغزو مباشرة، والذي بات يعمل مستشاراً للشركة الكندية Vast Exploration التي صارت بدورها تمتلك 37% من حصص أحد الحقول النفطية في شمال العراق. ويضم أيضاً بيتر غالبرايث، مستشار السياسة الخارجية الأمريكية والمقرّب إلى النائب الحالي للرئيس الأمريكي جو بايدن ومن السيناتور جون كيري. وقام غالبرايث بتقديم النصح والمشورة للأكراد بشأن حقوقهم عندما كانت تجري مهمة صياغة «الدستور العراقي».. وعمل على تثبيت الأحكام التي منحتهم حقوقاً حصرية في النفط والغاز بحيث يصبح ما هو عليه حالياً: المستفيد الرئيسي من ذلك!
حصل غالبرايث على حقوق استكشاف واستغلال حقول النفط الرئيسة لمنطقة دهوك أوائل العام 2004 بعد أن تفاوض على عقد يسمح لشركة النفط النرويجية DNO بالتنقيب عن النفط هناك. وقد قدمت هذا الكشف الصاعق الصحيفة النرويجية Dagens Naeringsliv التي نشرت وثائق تربط غالبرايث بالشركة النرويجية.
كتبت الصحيفة: عندما بدأت حفارات النفط عملها في الحقل الجديد الغني بالنفط Tawke.. لم يكن هناك سوى حفنة من المسؤولين الحكوميين ورجال أعمال وأعضاء حلقة غالبرايث على علم بأن الأحكام الدستورية التي عمل غالبرايث على تثبيتها.. فقط قبل أشهر مضت.. يمكن أن تحقق له الثراء الضخم.. إيراداته المحتملة يمكن أن تصل إلى مائة مليون دولار أو أكثر!!
ليس غالبرايث وحده في هذه السرقة الضخمة والفريدة.. زلماي خليل زادة- السفير الأمريكي السابق في أفغانستان والعراق والأمم المتحدة- أنشأ أيضاً شركة استثمارية في مدينة أربيل ومن الواضح أنه كذلك يبحث عن صيد غنى آخر.
نائب الرئيس الأمريكي السابق، ديك تشيني، رجل النفط مثل عصبته، أعلن في أوائل عام 2003، بلا مواربة أن العراق لديه «نفطنا تحت ترتبته».. في الخامس من تشرين الثاني منحت حكومة الاحتلال في بغداد حقوق تطوير حقل القرنة الغربي الضخم في جنوب العراق إلى شركتي اكسون موبيل الأمريكية وشل الهولندية «ثمار» الحرب على العراق بإبادة 1.3 مليون من مواطنيه.. حان الآن قطافها من قبل الغرب.. بخاصة الشركات الأمريكية متعددة الجنسيات، من خلال هيمنتها على جانب من أكبر حقول النفط في العالم..
يحتوي حقل القرنة الغربي احتياطات نفطية مؤكدة تعادل 8.7 بليون برميل بالمقارنة مع الحجم الكلي (المعلن رسمياً) لاحتياطي النفط العراقي البالغ 115 بليون برميل.. والجدير بالذكر أن النظام العراقي قبل الاحتلال، منح عقد استغلال هذا الحقل في آذار 2003 إلى شركة لوك أويل الروسية الكبرى. عمدت الولايات المتحدة إلى تنصيب نظام دمية في بغداد بادر إلى تمزيق كل الاتفاقات السابقة، وتوقيع عقود جديدة مع الشركات الغربية متعددة الجنسيات وتحت مراقبة عيون ساهرة لأسيادهم الأمريكان..
ايكسون موبيل، ومقرها الولايات المتحدة، هي أول شركة نفط عملاقة توقع عقداً لمدة 20 عاماً، جنباً إلى جنب، مع شركة شل الهولندية الملكية في سياق مخطط لزيادة الإنتاج اليومي في حقل القرنة الغربي من 300 ألف برميل إلى 2.3 مليون ب/ي على مدى السنوات الست القادمة.
وافق النظام العراقي بعد الاحتلال على تعويض الشركتين لقاء تكاليف تطوير الحقل، ومن المحتمل أن تصل هذه التكاليف إلى ما لا يقل عن 50 مليار دولار، علاوة على دفع 1.90 دولار عن كل برميل نفط مستخرج..(مبلغ يزيد على تكاليف تطوير كافة حقول النفط في العراق في فترة ما قبل الاحتلال!!).. أيام سعيدة أخرى للشركات الغربية متعددة الجنسيات.. ومن الواضح أن سفك دماء العراقيين أرخص من النفط!!

آخر تعديل على الثلاثاء, 12 تموز/يوليو 2016 15:01