اقتصاديون أمريكيون: أزمة أخرى تلوح في الأفق.. ماثيو جيف – ABC، آذار 2010 / ترجمة عبادة بوظو

على الرغم من أن غالبية الأمريكيين مازالوا يكافحون للتعافي من آثار أسوأ هبوط اقتصادي في بلادهم منذ الكساد الكبير، فإن أزمة أخرى تلوح في الأفق، واحدة ستكون أكثر سوءاً من الحالية، وذلك طبقاً لتقرير جديد أصدرته مجموعة من كبار خبراء الاقتصاد والمال وواضعي الضوابط المالية على المستوى الاتحادي الأمريكي سابقاً.

في تقريرها تحذر المجموعة، التي تضم من بين أسماء أخرى كلاً من روب جونسون، عضو لجنة الخبراء الماليين التابعة للأمم المتحدة، وإليزابيث وارين، عضو هيئة رقابة خطة الإنقاذ المالي، من أن إجراءات إصلاح الضوابط المالية التي تقترحها إدارة أوباما والكونغرس ينبغي تشديدها لمنع المصارف من مواصلة العمل بالاستثمارات عالية المخاطر التي دفعت بالاقتصاد الأمريكي فجأة إلى حافة الانهيار تقريباً في عام 2008.

ويواصل التقرير تحذيره من أن البلاد غارقة حالياً «بحلقة يوم الدينونة»، تقوم المصارف فيها باستخدام الأموال المعارة إليها في اللجوء إلى مجازفات كبرى ضمن محاولتها دفع حصص كبيرة لأصحاب الأسهم مع دفع علاوات مالية للمدراء لديها؛ وعندما تتخذ هذه المجازفات مسارات خاطئة تتلقى المصارف مجدداً من الحكومة أموال خطط الإنقاذ المتأتية أصلاً من أموال دافعي الضرائب.

كما يحذر التقرير من أن «المخاطرة التي تعتمدها البنوك سوف تصبح قريباً أكبر من أي وقت مضى».

ويقول جونسون في التقرير الذي كلفه به معهد روزفلت، المستقل، إنه من دون إجراء المزيد من الإصلاحات الصارمة فإن «أزمة أخرى، أزمة أكبر تضعف كلاً من قطاعنا المالي واقتصادنا عموماً، هي أكثر من متوقعة، إنها حتمية».

يصف كبير الاقتصاديين في المعهد، جوزيف ستيغليتس، الحائز عل جائزة نوبل، يصف التقرير بأنه «نقطة انطلاق هامة نحو حوار حول تحديد حجم الشوط الذي قطعناه على طريق إصلاح الضوابط».

ويشن التقرير هجوماً عنيفاً على بعض اللاعبين الرئيسيين في واشنطن، حيث يكتب جونسون: «لقد أظهر قادة حكومتنا قلة حيلة في إصلاح أخطاء نظام السوق لدينا»، في حين عبّر عن نقد مماثل عضوان آخران في المجموعة هما البروفسور في معهد ماساشوتيس للتكنولوجيا سيمون جونسون، وبيتر بوون من مركز الأداء الاقتصادي، وكتبا أن رئيس البنك الاحتياطي الاتحادي بن برنانكي ووزير الخزانة تيم غيثنير «كانا يشرفان على السياسة عندما كانت الفقاعة تكبر، وهما الآن الرجلان ذاتهما اللذان يضعان (خطة) "إنقاذنا"».

وتقول الدراسة «إننا في عامي 2008-2009 اقتربنا إلى حد ملحوظ من حافة كساد كبير جديد. وفي المرة الثانية قد لا نكون «محظوظين» جداًَ، لأن خطر حلقة يوم الدينونة يبقى قوياً ومتنامياً. فما الذي سيجري عندما تضرب الصدمة الثانية؟ قد نكون عندها على مشارف مرحلة يكون فيها الجواب: تماماً كما كان الحال عليه إبان الكساد الكبير- انهيار كوني مدوٍ».

وتطالب المجموعة المصارف الكبرى بالاحتفاظ بسيولة رأسمالية تتراوح نسبتها بين 15 و25 بالمئة من قيمة أصولها المالية، وتطالب بسن قوانين تهدد بعقوبات أشد للمسؤولين التنفيذيين الذين يتلقون علاوات من أموال خطة الإنقاذ، مثلما تطالب مسؤولي الحكومة بأن يباشروا بتجزئة الشركات المتضخمة أكثر مما ينبغي.

وفي التقرير تجدد إليزابيث وارين، رئيسة مجلس المراقبة التابع للكونغرس، دعواتها لإقامة وكالة مستقلة تتولى حماية المستهلكين من الممارسات المسيئة في وول ستريت وتقول: «بينما قام المصنعون بتطوير أجهزة الـ«الآي بودز» والتلفزيونات ذات الشاشات المسطحة، فقد أتقنت الصناعة المالية فن تقديم الرهون العقارية وبطاقات الائتمان وعمليات الإفراط في السحوبات بالشيكات بما يتجاوز الأرصدة، مقترنة على نحو كامن مع شروط خفية تحجب السعر والمخاطرة. وباتت السلع الجيدة مختلطة بالخطيرة، وأُخلي بالمستهلكين لكي يحاولوا اكتشاف الفرق، والفصل فيما بين هذه السلع بأنفسهم، حيث يمكن لعواقب هذا الأمر أن تكون كارثية».

أما عضو المجموعة فرانك بارتوني، من جامعة سان دييغو، فيدعي أن «صفحات الموازنة والحساب لغالبية المصارف في وول ستريت مفبركة» في حين يطرح عضو آخر هو راج دايت من مركز الشتاء في كامبردج لسياسة المؤسسات المالية أن كبار مؤسسات الرهون العقارية المدعومة حكومياً من شاكلة «فاني ماي» و«فريدي ماك» أضحت «معقدة من دون ضرورة ومعابة على نحو لا يمكن إصلاحه» وينبغي بالتالي التخلص منها.

من المتوقع أن تقدم لجنة المصارف التابعة لمجلس الشيوخ برئاسة السيناتور الديمقراطي عن ولاية كونيتيكوت، كريس دود، مقترحها حول إصلاح نظام الضوابط المالية في وقت ما من الأسبوع المقبل. وهنا يدعو التقرير الكونغرس لأن يشرّع إصلاحات قوية بالحد الذي يمنع انحلالاً آخر.

يقول جونسون: «قال السيناتور ديك دوربن ذات مرة إن المصارف "تدين" لمجلس الشيوخ. إن الأسابيع القليلة المقبلة سوف تحدد مدى صحة هذه المقولة من خطئها»..!