هل تصنع اليمن نموذج الحل الخاص لأزمتها؟

هل تصنع اليمن نموذج الحل الخاص لأزمتها؟

صمدت المفاوضات بين الفرقاء اليمنيين زهاء شهرين حتى الآن، بمعدل عالِ من اللقاءات المباشرة وغير المباشرة، والكثير من الوساطات الدولية والإقليمية التي عالجت سريعاً الانقطاعات الاحتجاجية لوفود التفاوض بين الحين والآخر..

تؤكد هذه الفترة المستمرة نسبياً، ما ذهب إليه المبعوث الدولي إلى اليمن، اسماعيل ولد الشيخ، عندما قال أن الوفود المفاوضة باقية في الكويت «حتى العودة بالسلام» إلى اليمن، أي أن نقطة النهاية المتمثلة بتنفيذ قرار مجلس الأمن 2216، المتعلق بالأزمة اليمنية، باتت تحكم لقاءات الكويت باعتراف الجميع، لكن ماذا عن خارطة الطريق إلى تلك النقطة؟
حول مرحلة التمهيد
جملة من الإجراءات أدت عملياً إلى نزع فتيل الانفجار، المتمثل بسقوط المفاوضات والعودة إلى مستويات أعلى من العنف في الداخل اليمني، وبالنتيجة السماح للمبادرات السياسية بشق طريقها إلى التطبيق العملي، ويمكن تلخيص هذه الإجراءات بما يلي:
التواري المقصود للسعودية بشخوصها، وتصريحات مسؤوليها، وإعطاء دور أكبر للكويت وعُمان لمتابعة تفاصيل المحادثات عن قرب، وإن كان هدف السعودية بذلك هو الظهور بصورة المحايد وترك اليمنيين ليحلوا مشاكلهم بأنفسهم، إلا أن هذا القرار- بغض النظر عن خلفياته العميقة- أدى عملياً إلى إضفاء الصبغة اليمنية على المحادثات من حيث الشكل، ولم يعد بمقدور المجتمعين في الضفتين، استخدام مصطلح التدخلات الخارجية سياسياً كورقة ضغط من هنا وهناك، إلا بالحدود الدنيا.
الإجراء الثاني تمثل في سلسلة المبادرات التي عمل ولد الشيخ على تثبيتها، والتي كان أهمها فكرة البنود الخمسة المرتكزة إلى القرار 2216، حيث تم تشكيل لجان معنية بالوضع الأمني العسكري، والجانب السياسي، إضافة إلى لجنة مختصة بشؤون المعتقلين والملفات الإنسانية، على أن تعمل هذه اللجان على التوازي.
المقصود من هذا الإجراء كان توسيع مساحة النقاشات بين اليمنيين إلى أوسع قدر ممكن ليصبح النقاش تقليداً ثابتاً، وتحقيق ما يمكن تحقيقه في الملفات اليسيرة كملف المعتقلين وإدخال المساعدات الإنسانية كبوادر حسن النية، بغرض التليين قبل المهمة الأصعب وهي الاتفاق السياسي الأعقد على طاولة المفاوضات.
الوصول إلى
معضلة القرار 2216
في تقييم التصريحات الصادرة من الكويت، يتضح للمتابع أن القضايا المتعلقة بالوضع الإنساني، وإطلاق سراح المعتقلين، ليست بمكان الخلاف، بل أنها محل توافق شبه معلن بين الطرفين، لكن ما سبق ذكره عن تمهيد الطريق نحو القرار الدولي 2216، وتحديداً فكرة البنود الخمسة هدفها البعيد هو تحييد أكبر قدر ممكن من أوراق الضغط عن الاستخدام في المفاوضات ذات الطابع السياسي المتعلق بشكل السلطة اللاحقة.
أي أن المبعوث الدولي، بما يمثله، يدرك تماماً أن المعضلة الأكبر هي في تفسير الشق السياسي من القرار الدولي 2216، وبالتالي يجب عليه قبل أن يرمي بمبادرته السياسية الخالصة، تأمين تلك الأرضية التي تسقط أوراقه عليها دون أن تتبعثر، وهو ما يدفع للحديث عن التمهيد الأولي الذي استغرق شهرين تقريباً حتى الآن.
«شرعية هادي
وسلاح أنصار الله»
خلال الأسبوع الفائت، وبحسب صحيفة «البيان» الإماراتية، اقترحت الدول الراعية للتسوية في اليمن، خطة قدمها ولد الشيخ، وتنص على أن تعود الحكومة الشرعية إلى صنعاء لمدة أربعة إلى ستة أشهر، وخلال هذه الفترة تشرف اللجنة العسكرية، التي ستشكل من الطرفين بمشاركة ضباط من دول «التحالف العربي» والأمم المتحدة على انسحاب المسلحين من العاصمة أولاً، وجمع المسلحين والأسلحة في المواقع العسكرية خارج المدينة.
وبحسب الصحيفة، فإنه من المنتظر مصادقة مجلس الأمن الدولي على هذه الرؤية، بينما سيواصل المفاوضون في الكويت مناقشة الحلول السياسية وتشكيل حكومة جديدة تدير المرحلة الانتقالية، وصولاً إلى الانتخابات العامة، على أن تواصل اللجنة العسكرية مهامها في بقية المحافظات. هذه الخطة من شأنها أن تجسر الهوة بين طروحات الوفود المفاوضة، وتبدو الأقرب إلى التنفيذ فيما لو أكملت الجهود الدولية مساعيها الجدية لإخراج اليمن من أزمته.
وفي سياق الحديث عن الجهود الدولية، فإن الخطة تأخذ بعين الاعتبار في أولويات مهامها، إنقاذ الدول المتورطة في الحرب اليمنية- وعلى رأسها السعودية التي أصبحت بحاجة إلى طوق نجاة من المستنقع اليمني. كما كان اللافت في الآونة الأخيرة دخول روسيا إلى أجواء المفاوضات، باستقبال سفيرها في اليمن لوفود «المؤتمر الشعبي العام»، و«أنصار الله» لنقاش مجريات المشاورات ومآلاتها. فهل نحن على أعتاب تسجيل اليمن فعلاً لأحد أوائل نماذج الحلول السياسية في المنطقة؟ الجواب ستحمله الفترة القريبة المقبلة.