أردوغان «يتلمس» الطريق نحو موسكو
تجري في الداخل التركي جملة من التغيرات, التي يحاول من خلالها حزب «العدالة والتنمية», وتحديداً الجناح الأقوى, جناح الرئيس أردوغان, ترتيب أولويات السياسة الداخلية والخارجية, بما يتلاءم مع تغيرات المنطقة, فماذا عن «الترتيبات الأردوغانية» المستجدة مؤخراً؟
«من الصعب علي أن أدرك ماهي الخطوات الأولى التي تنتظرها روسيا مِنّا»، هذا ما صرح به أردوغان في 31/أيار قبل مغادرته البلاد إلى أفريقيا, مضيفاً: «أظن أنه يجب علينا مواصلة تطوير العلاقات وقنوات التواصل مع روسيا, وإنني آمل في حل القضايا في القريب العاجل, واستئناف الجهود التي بذلتها تركيا وروسيا خلال السنوات العشرة الماضية من أجل تعزيز علاقاتهما».
يحاول أردوغان تجاهل هَوْل الخطأ الذي ارتكبه بإعطاء الأوامر لضباط الجيش التركي بإسقاط المقاتلة الروسية «سو24», وهو ما أكدته أركان الجيش التركي بأن قرار إسقاط الطائرة الروسية, تتحمل مسؤوليته القيادة السياسية للبلاد. ويحاول أردوغان في تصريحه, إظهار أن قضية إسقاط المقاتلة هي مشكلة عرضية يمكن أن تسقط آثارها بالتقادم لا أكثر, فهو يضيف في تصريحه أنه لا يفهم لماذا قرر نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، التضحية بالعلاقات الممتازة بين البلدين بسبب «خطأ ارتكبه طيار روسي».
لم يتأخر الرد من الجانب الروسي, عبر متحدثه الرسمي، الذي صرح بالقول: «لا يحق لي أن أقدم نصائح لرئيس دولة أخرى, لكن من الضروري أن نعيد إلى ذهنه التصريحات التي كررها الرئيس الروسي بهذا الشأن أكثر من مرة». تلك التصريحات التي أشار إليها بيسكوف تتضمن الإيضاحات والاعتذار والتعويض عن الخسائر من الجانب التركي, لكن أردوغان تجاهل حينها مطالب الجانب الروسي, وهو ما أدى إلى وصول العلاقة بين البلدين إلى إعلان حرب ضمني, بعد إرسال روسيا منظومة الدفاع الجوي «S400» إلى سورية, محملة بأوامر إسقاط أي طائرة تركية تخترق الأجواء السورية. ومازال أردوغان مصراً على تجنب الإقرار بالخطأ الذي ارتكبه حتى في تصريحه آنف الذكر, والذي يحاول فيه جس نبض روسيا حيال إعادة العلاقات معها إلى سابق عهدها.
المهم من التصريح هو أن أردوغان يستشعر التغيرات الكبرى التي تعصف بالمنطقة, وأوضاع حلفائه المتراجعين, وعلى رأسهم الولايات المتحدة والسعودية, في ملفات اليمن والعراق وسورية, وبالتالي فهو يتلمس الطريق نحو التهدئة مع روسيا التي تظهر أكثر ثباتاً وواقعية في علاقاتها مع دول المنطقة.
لكن هذا الطريق الذي يحتاج إلى إجراءات معقدة, يصطدم بالموقف التركي من الأزمة السورية, والتدخلات التركية في العراق, وهو ما يشي بطرق طويلة لاستقرار العلاقات بين البلدين, قد يكون رحيل أردوغان أقصرها..!