تقرير: لاجديد لدى العروبة

تتابع قاسيون من خلال هذا التقرير عن الحرب على غزة 2012 بالمقارنة مع حرب 2008 للبحث عن تطورات المواقف السياسية وانعكاساتها في بنية الأنظمة الرسمية العربية:

يبقى التطور النوعي الأهم هو قدرات المقاومة العسكرية التي أرغمت الاحتلال على تأجيل حربه البرية أكثر من مرة، فيما استمرت الصورايخ بالوصول إلى تل أبيب والقدس ومشارف الضفة الغربية وهذا يعني وصولها إلى مدى80 كم متجاوزة بذلك أقصى حد وصلت له في عام 2008 وقد كان 40 كم، ناهيك عن دقة الإصابة ومساهمة أكبر للفصائل الأخرى كسرايا القدس وكتائب أبو علي مصطفى إلى جانب القسام.

الحرب الحالية راح ضحيتها حتى اليوم السابع 135 شهيداً  و 1050 جريحاً، بينما كانت الخسائر البشرية في حرب 2008 خلال الساعات الأولى من العملية فقط 205 شهداء و 750 جريحاً، وبلغت الخسائر في نهاية الحرب 507 شهداء و  2700 جريح.

 أما ماتكبده العدو من خسائر بشرية فقد كانت  في الحرب الماضية  5 قتلى، إثنان من بينهم جنود وبلغ عدد الجرحى 90. أما في هذه الحرب فقد اعترف إعلام العدو بمقتل 19 مستوطناً من بينهم 10 جنود وإصابة أكثر من 635 آخرين منذ بدء العدوان على غزة وحتى اليوم السابع.

 

الموقف الخليجي:

2008: دعا الملك السعودي «إسرائيل» إلى الوقف الفوري للهجوم، بينما قامت الشرطة السعودية بإطلاق أعيرة مطاطية لتفريق متظاهرين يحتجون على المجزرة «الإسرائيلية» وأصيب قرابة ثمانية أشخاص في المنطقة الشرقية في المملكة.  وكما الدور القطري آنذاك قام الملك عبد الله بحملة شعبية لجمع التبرعات لغزة. حملة شعبية يعني أموالاً من جيوب المواطنين السعوديين، بينما كانت الصناديق السيادية الموجودة في المصارف الأمريكية تتكبد خسائر كبرى لمصلحة البنوك الأمريكية و لم يعلن عنها إبان الأزمة الاقتصادية عام 2008، ومازالت تساهم خزينة المملكة في تمويل الاقتصاد الأمريكي عبر صفقات التسلح.

طبعاً استمر آنذاك قادة مجلس التعاون الخليجي بتحميل المقاومة مسؤولية ماحصل، حيث أشار البيان الختامي إلى أن قادة المجلس يلقون بالتبعة جزئيا على حماس عن العنف .

2012: دعا الملك السعودي إلى التهدئة، وكأن الملك يقف على الحياد! كما دان مجلس التعاون الخليجي الاعتداءات الصهيونية على قطاع غزة قائلاً في بيانه: «تابع المجلس بقلق بالغ ما يتعرض له قطاع غزة من اعتداءات صهيونية والتي نتج عنها العديد من القتلى والجرحى وتدمير للمنازل والممتلكات» (تسمية القتلى للبيان). وأضاف المجلس الوزاري : «يطالب مجلس الأمن بتحمل مسؤولياته في حفظ السلم والأمن الدوليين بالضغط على الكيان  لوقف عدوانه فوراً وتحميله المسؤولية القانونية المترتبة على هذا العدوان». طبعاً لم يقطع مجلس التعاون علاقاته التاريخية السرية أو المعلنة مع الكيان ولم يطلب سحب أي سفير من سفراء دول التطبيع العربي ولم يطالب بتقديم السلاح أو إدخال مساعدات أو بتدخل عسكري على غرار مبادراته في سورية.

 

الموقف الليبي

2008: عرضت ليبيا بصفتها عضواً مؤقتاً في مجلس الأمن مشروع قرار يتضمن المطالبة بالوقف الفوري للأعمال العسكرية «الإسرائيلية» على غزة وإدانة واضحة للهجمات العسكرية والاستخدام المفرط للقوة من جانب «إسرائيل». كما قامت بتهديد مصر بطرد العمالة المصرية بليبيا مالم تفتح مصر معبر رفح أمام المعونات المتقاطرة إلى المنكوبين. وأقامت جسرين جوي وبري لنقل المعونات إلى غزة. طبعاً هذا الإجراء كان أيام القذافي بينما لم يصدر أي موقف واضح من ثوار الناتو حتى اللحظة، هذا الإجراء الذي كان نتاج الديكتاتور القذافي ولم يشابهه أي أجراء حالي من قبل دكتاتوريات الخليج  أو حكام ليبيا الجدد رغم إدعائهم بتبني الثورات العربية بماتعنيه من توجهات جديدة.

 

الموقف المصري:

2008: أعلن الرئيس المصري حسني مبارك بأنه لن يفتح معبر رفح ، وقد حمل أيضا حركة  حماس المسؤولية عن هذا الهجوم «الإسرائيلي» كونها رفضت التهدئة. وفي الوقت نفسه طالب «إسرائيل» بوقف عدوانها الوحشي على غزة بشكل فوري. كما سمحت مصر بدخول المساعدات إلى غزة خلال معبر رفح، و سمحت للجرحى والمصابين بدخول مصر لتلقي العلاج.

2012: قال الرئيس المصري  محمد مرسي إن مصر لن تترك قطاع غزة وحده في مواجهة العدوان «الإسرائيلي» ، كما قام بإجراءات شملت سحب السفير المصري من تل أبيب، واستدعاء السفير «الإسرائيلي» ، بالإضافة إلى مطالبة مجلس الأمن بعقد اجتماع لبحث الوضع في غزة، ثم زار رئيس الوزراء المصري غزة لأجل التضامن.

كما تخوض مصر(التي لم تفتح المعابر حتى اللحظة) برعاية تركية –قطرية مفاوضات للتوصل إلى تهدئة أو إلى الهدنة طويلة الأمد التي تمثل الشرط «الإسرائيلي» المتطابق مع رؤية الإخوان التاريخية كحل للصراع العربي-»الإسرائيلي».

إلا أن هذا الشرط يعرقل حتى اللحظة بفعل إصرار المقاومة على رفع الحصار وفتح المعابر الأمر الذي لاترغب فيه «إسرائيل» ولا حتى حركة الإخوان في ظل إحتمالات تدفق السلاح من جديد إلى المقاومة.