رغم الاحتجاجات الشعبية.. البرلمان اليوناني يقر خطة التقشف
أقر البرلمان اليوناني يوم 29 حزيران برنامجاً اقتصادياً متوسط المدى يفترض بموجبه تقليص المصروفات وزيادة الضرائب، الأمر الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى حصول الخزينة على 28 مليار يورو لغاية عام 2015. ولكن ثمن ذلك يتمثل حسب البرنامج في خصخصة ممتلكاتالدولة بشكل واسع، حيث تأمل الحكومة اليونانية الحصول على 50 مليار يورو من عملية الخصخصة.
وكان إقرار هذا البرنامج من شروط الاتحاد الأوربي وصندوق النقد الدولي من أجل ضمان منح قرض لليونان لكي لا تعلن إفلاسها بسبب الديون البالغة 350 مليار يورو.
وعلى وقع الإضرابات والتظاهرات الاحتجاجية على خطة التقشف المذكورة والتي تتخللها مواجهات وإصابات واعتقالات، أعلنت المعارضة رفض هذه الإجراءات واصفة إياها بالمحفز للمزيد من الركود الاقتصادي.
بعض المراقبين يقولون إن رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو من خلال إقرار خطته اجتاز اختباراً صعباً بتصويت 154 نائبا لصالح الخطة من أصل 300 هم أعضاء البرلمان، ورفض الخطة 139 نائبا وامتنع الباقون عن التصويت.
ولكن يبقى أن يقر البرلمان في جلسة أخرى يوم الخميس تشريعاً تفصيلياً يحدد إجراءات تنفيذ حزمة التقشف التي ستوفر للحكومة مبلغ 28 مليار يورو (40 مليار دولار) من خلال زيادة الضرائب وتقليص النفقات والاستغناء عن آلاف الوظائف.
وتعد خطة التقشف شرطاً فرضه مقرضو اليونان لتقديم مزيد من المساعدات لإنقاذ الاقتصاد اليوناني المأزوم.
وقبل عقد الجلسة البرلمانية اجتاحت المظاهرات الشعبية وسط أثينا للتعبير عن رفض خطة التقشف، وحاول محتجون اعتراض طريق بعض النواب إلى مبنى البرلمان. وردت شرطة مكافحة الشغب بإطلاق الغاز المسيل للدموع ورذاذ الفلفل الحار.
ونتيجة لإضراب عام دعت إليه النقابات العمالية أصيبت الخدمات في أنحاء البلاد في حالة من الشلل لليوم الثاني من الإضراب لتظل العبارات راسية في الموانئ، كما تم إلغاء أو تعديل مواعيد مئات من رحلات الطيران. واقتصر عمل المستشفيات وخدمات الإسعاف على حالات الطوارئ.
وكانت الحكومة الاشتراكية قد تقلت انتقاداً من محافظ البنك المركزي اليوناني جورج بروفوبولوس، مؤكداً أن خطة التقشف تتضمن زيادة كبيرة في الضرائب وخفضاً محدوداً للنفقات، وأوضح في مقابلة صحفية أن الاستمرار في إثقال كاهل الشعب بمزيد من الضرائب بلغ حده الأقصى.
ولكن في بروكسل، اعتبرت المفوضية الأوربية أن تبني البرلمان اليوناني خطة التقشف هو «السبيل الوحيد» لإنقاذ البلاد من الإفلاس الفوري، مشيرة إلى أنه ليس هناك خطة بديلة.
وكان رئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبي قد حذر في يوم سابق من أن «استقرار الاقتصاد العالمي برمته يتوقف على موافقة البرلمان اليوناني على إجراءات التقشف» التي اعتبرها تهدف إلى تجنيب البلاد السقوط في هاوية العجز عن السداد.
تجدر الإشارة إلى أن اليونان تعاني من أسوأ ركود منذ سبعينيات القرن الماضي، كما بلغ معدل البطالة بين الشبان أكثر من 40% وتدنت الأحوال المالية العامة نتيجة ديون سيادية تعادل نحو 150% من الناتج المحلي الإجمالي.
وتلقت أثينا العام الماضي قروضا من الاتحاد الأوربي وصندوق النقد الدولي بقيمة 110 مليارات يورو (158 مليار دولار) تدفع على ثلاث سنوات.
ولا يتوقع عدد كبير من المراقبين أن يؤدي إقرار خطة التقشف إلى تهدئة المتظاهرين في الشوارع بل إلى زيادة وتيرة الاحتجاجات وقمعها، بما يمهد لانفجارات اجتماعية وسياسية أكبر وأكبر تطيح بحكومة باباندريو.