لهيب الأزمة يصل الكيان

لقد كان حديث بعض القوى السياسية الوطنية والتي امتلكت منهج التحليل العلمي حول فكرة إمكانية زوال «إسرائيل» مبنياً على موضوعة الأزمة في النظام الرأسمالي العالمي، حيث يرتبط الكيان الصهيوني عضوياً بالمراكز الإمبريالية التي تدير هذا النظام، وكون الكيان الصهيوي يعتبر قاعدة متقدمة للإمبريالية في منطقتنا كان من الطبيعي أن تستشرف هذه القوى إمكانية زوال «إسرائيل» كنتيجة مباشرة وحتمية للأزمة الرأسمالية العالمية.

 

بعد خمس سنوات على الأزمة التي تتعمق يوماً بعد يوم، غدا الحديث عن احتمالات الزوال أكثر وضوحاً، حيث تقوم الولايات المتحدة على مايبدو بإعادة النظر بدور الكيان الصهيوني، عبر تخفيض حجم الدعم العسكري والمالي على وقع الأزمة.

يقول الكاتب عوديد عيران في مقالته المنشورة في معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، في النص المترجم والمنشور في مركز الأرض للدراسات الفلسطينية في 16/3/2013،عن تخفيضات الإنفاق الحكومي الأمريكي الناتجة عن الأزمة الاقتصادية وآثارها على الكيان العبري:

« كما أنه من الواضح أنه تمت تقليصات خطيرة في الميزانية الأمريكية في إحدى السنتين، أو عبر تنفيذ تقليص عرضي، أو عبر التوافق بين الجمهوريين والديمقراطيين في الكونغرس على ميزانية متفق عليها.... ويندرج ضمن هذه الخطوات تخفيض ساعات الطيران في سلاح الجو الأمريكي وإلغاء أربعة أقسام في الأسطول الأمريكي. ومن ناحية الشرق الأوسط، إن معنى الأمر هو تقليص نصف عدد الأيام التي تمكث فيها السفن، في المنطقة في البحر، وربع ساعات الطيران للطائرات. وحاملة الطائرات الأمريكية «هاري س. ترومان» (النووية) لن ترابط كما كان مخططا له في الخليج. كما أنه خلال العام 2014 لن يكون انتشار لقوة ARG (Amphibious Ready Group)، التي شاركت في الماضي في حملات مختلفة، ضمن أمور أخرى ضد تهديدات الهجمات الإرهابية في أفريقيا».

يتخوف عيران من انعكاس مباشر على الدعم الأمريكي للكيان الصهيوني ويقول:

«ويمكن لإسرائيل أن تتأثر بذلك على عدة مستويات، وإن كان كامل تأثير هذه التقليصات لا يزال غير واضح. وبالنسبة لدور وزارة الخارجية الأمريكية في التقليص العرضي، فقد أمرت وزارة الإدارة والميزانية (OMB) بتقليص مبلغ 6.344 مليار دولار بوتيرة 5% في السنة، أي 317 مليون دولار. ونظرياً، تعد هذه خسارة 150 مليون دولار من أصل المساعدات الخارجية الأمنية لإسرائيل (برنامج FMF)، التي تبلغ 3.1 مليار دولار».

كما سينعكس ذلك بشكل غير مباشر على أمن «إسرائيل» عبر احتمالات تراجع الدعم للقوات التي تحمي محيطها وفي هذا يشير الكاتب:

 «وستتقلص ميزانية عمل حفظ السلام هي الأخرى بـ 19 مليون دولار، وإن كان ليس ثمة مرة أخرى يقين بأن الأمر سيؤثر على انتشار القوة المتعددة الجنسيات في سيناء.... كما أنه ليس واضحاً كيف ستتأثر بذلك العقود التي وقعت مع شركات إسرائيلية. وستتأثر أيضاً التدريبات المشتركة. في هذه الحالة لا يدور الحديث عن خسارة بتعابير تلقي التمويل، بل عن الأهمية التي للتدريبات سواء للتعاون الثنائي أم لصورة إسرائيل الأمنية. المجال الذي من المتوقع أن يتأثر أكثر من التقليصات هو التطوير، الإنتاج والانتشار للمنظومات المضادة للصواريخ».

إن الأثر الذي سيطال الكيان العبري هو أثر عميق وذو أبعاد استراتيجية عسكرية وسياسية قد تدفع حقيقة إلى تغير سريع في ميزان الصراع الإقليمي حيث يتحدث الكاتب عن القطاعات العسكرية التي من الممكن أن تتضرر من هذه التخفيضات ويقول:

« في 2013 كان يفترض بإسرائيل أن تحصل على 211 مليون دولار من أموال وزارة الخارجية الأمريكية لمنظومة «القبة الحديدية»، وعلاوة 269 مليون دولار لبرامج أخرى، مثل منظومتي «حيتس-2» و»حيتس-3»، و»كيلع دافيد»، ارتفاع بمقدار 35 مليون دولار بالنسبة للمبلغ الذي خصص في 2012، والذي كان يبلغ 235 مليون دولار..... ومن شأن الأمر أن يؤثر على التسلح للمدى البعيد بمنظومات من السلاح...ويمكن لهذه أيضاً أن تكون فرصة لإعادة النظر في قرار شراء طائرات F-35 التي سيتأخر على أي حال إنتاجها في الولايات المتحدة في ضوء الميزانيات الطائلة التي ستحتاجها المنظومة»

يرى الكاتب المستقبل المظلم الذي يكتنف الولايات المتحدة كما يكتنف الكيان الصهيوني، حيث يصل إلى إمكانية تغير استراتيجي في دور الولايات المتحدة وبالتالي التغير في الموازين الدولية ليختم:

«إن التقليصات المتوقعة في ميزانيات الدفاع الأمريكية، والتي تبلغ أكثر من نصف تريليون دولار في أثناء العقد القريب القادم، ستؤثر بلا شك على قدرة الولايات المتحدة على الحفاظ على مكانها كزعيمة للعالم والسعي لتحقيق أهدافها الاستراتيجية».

 

آخر تعديل على الأربعاء, 18 أيار 2016 23:39