عجز تام في منظومة المحاصصة العراقية!
تعددت محاولات «الخروج» من الأزمة السياسية في العراق، بمبادرات من داخل منظومة المحاصصة الطائفية نفسها، في سبيل إيجاد مخرج من أزمة الموارد المالية الناتجة عن انخفاض أسعار النفط عالمياً، وما نتج عنها من حراك شعبي واسع، ضغط على المنظومة السياسية بأكملها، وكشف هشاشة «النموذج الديمقراطي» الأمريكي في العراق..
في آخر المبادرات، حاول الرئيس العراقي، فؤاد معصوم، لم شمل الكتل النيابة، على أساس خارطة طريق مقترحة، مضمونها الموافقة على إقالة هيئة رئاسة مجلس النواب. إلا أن الرد لم يتأخر بمقاطعة الكتل النيابية لدعوة الرئيس العراقي- وهو ما كان متوقعاً بعد فشل مبادرات رئيس الوزراء العبادي التي تم العمل عليها لشهور طويلة، دون أن تبصر النور. ويبدو تجاهل مبادرة الرئيس العراقي تعبيراً عن استعصاء الأزمة السياسية على الحل من داخلها، وأن الحراك الشعبي الذي تحاول القوى السياسية ترويضه بالوعود، سيزيد من أزمة المنظومة ككل، بعد أن عجزت هذه القوى السياسية حتى على الاتفاق على تغيير شكلي يؤجل الأزمة إلى آجال زمنية قريبة.
وفي سياق متصل، أصدر مكتب السفير الأمريكي في العراق، ستيوارت جونز، بياناً يقول فيه إن «الولايات المتحدة مع الدستور والشرعية والدولة، وترفض أي مساس بالشرعية»، أي أن الولايات المتحدة التي رسمت «شرعية» المنظومة السياسية في العراق، تضغط اليوم لمحاولة تثبيت الأزمة، ومنع أي تغييرات في هذه المنظومة، لأن الأمور حينها تكون قد بدأت بالسير إلى نهاياتها المنطقية فيما لو أراد العراقيون فعلاً إخراج بلادهم من الأزمة.
إن النهايات المنطقية هذه تقود بالضرورة إلى تغيير بنيوي في النظام السياسي القائم، وهنا، يمكن القول أن الكتل السياسية المترهلة، والتي اعتادت التلطي بحمى الوجود الأمريكي في المنطقة، غير مؤهلة لهكذا تغيير قادم ولا تريده، وبالتالي، سستجد نفسها قريباً في مواجهة الحراك الجماهيري المتصاعد، الذي يراقب عن كثب عجز الساسة عن اتخاذ أدنى درجات التغيير في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد، ما سيدفعها في نهاية المطاف إلى قلب الطاولة على رموز منظومة التحاصص، وعلى مصالح الولايات المتحدة التي حمت ورعت وأنشأت هذه المنظومة.