معركة الموصل.. تحكمها الضرورة الأمريكية

معركة الموصل.. تحكمها الضرورة الأمريكية

منذ سقوط الموصل بيد «داعش» في 10/ حزيران/ 2014 حتى اليوم، ما تزال العراقيل توضع في وجه استعادة المدينة، التي تعتبر المعقل الرئيسي للتنظيم في العراق. وترجح أغلب التقديرات إلى أن أحد المشاكل الرئيسية هي محاولة الكتل النيابية العراقية تسييس موضوع محاربة التنظيم. وهو ما يحوي جزءاً من الصواب، لكن هل هذه هي المشكلة الأساسية؟

 

من المؤكد أن وحدة الشعب العراقي في معركته ضد الإرهاب هي ضرورة، وشرط لازم لتحرير الموصل من يد إرهابيي «داعش»، لكن بالنظر إلى باقي عناصر مسألة تحرير الموصل، نجد أن النتائج العسكرية المؤثرة تبعاً لصعوبة المعارك في العراق، مرهونة بمدى تجاوب «التحالف الدولي» الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق لمحاربة التنظيم. 

هنا، يمكن العودة إلى معركة الرمادي أواخر العام الماضي، والتي حسمها الجيش العراقي بمساندة قوات «الحشد الشعبي»، أي أن معظم القوى المسلحة العراقية شاركت في العملية، مما أجبر واشنطن على الانخراط فيها. بمعنى آخر، إن الولايات المتحدة دخلت معركة تحرير الرمادي مرغمة، حتى لا يبدو النصر عراقياً خالصاً، خصوصاً بعد تحقيق روسيا لنتائج ملموسة في السماء السورية، فيما يخص مسألة محاربة الإرهاب.

أما فيما يخص معركة الموصل التي تعتبر «أم المعارك» وآخرها ضد التنظيم، فإن واشنطن تستمهل في إطلاق معركة جدية هناك، وقبل الخوض في أسباب الاستمهال الأمريكي، تجدر الإشارة إلى أن التدخلات الإقليمية في الشأن العراقي وتحديداً حول مسألة حق «الحشد الشعبي» بالمشاركة في هذه المعركة، تعزز بشكل غير مباشر التملص الأمريكي من الالتزام الذي أخذه على عاتقه في العراق، كما يمكن القول أنه وحتى في حال تم التوافق حول مشاركة القوات المسلحة العراقية جميعها من الجيش والقوى الأمنية والقوات المساندة لهما، فإن الغطاء الجوي المحكم هو ضرورة ملحة لتحقيق التقدم المطلوب في تلك المعركة.

المؤكد أن جزءاً من الإدارة الأمريكية، مصمم على استثمار ذراعه الفاشي المتمثل بـ«داعش» حتى الرمق الأخير، لكن في الوقت نفسه، فإن مستوى التحكم الأمريكي المتراجع في ملفات المنطقة يضغط على التوجهات العامة للسياسات الأمريكية، أي على استراتيجية أفضل تحصيل ممكن للنفوذ قبل إغلاق الملفات المشتعلة بقوة الموازين الدولية الناشئة والمنعكسة على منطقتنا.

وفي هذه المرحلة، يمكن القول أنه ليس بالضرورة أن تكون معركة الموصل سريعة جداً، لسبب رئيسي هو أن سقوط الموصل يعني عملياً، انتهاء مسببات الوجود الأمريكي في العراق، وهو ما لا يراه الأمريكيون مناسباً في هذه المرحلة الحساسة التي تشهد نتائج معاكسة لما رسمه الأمريكيون في سورية واليمن على أقل تقدير.

وبالنتيجة، فإن انحسار النفوذ «الداعشي» في سورية بعد تحرير تدمر، وتعالي الأصوات المطالبة بالتجهيز لمعركتي الرقة ودير الزور، يشير إلى الميل العام في المعركة ضد الإرهاب في سورية والعراق، وبالتالي فإن الالتحاق الأمريكي المعتاد مرهون بتلك اللحظة التي تستطيع فيها القوى الجادة بمحاربة «داعش» من تحقيق خروقات إيجابية في هذه المعركة، وتسريع إعطاء الصبغة الدولية للمعركة في الموصل.