إصلاحات الجزائر.. تأسيس لـ«جمهورية ثانية»؟
مالك موصللي مالك موصللي

إصلاحات الجزائر.. تأسيس لـ«جمهورية ثانية»؟

منذ منتصف العام الماضي، كانت الأخبار تتوارد دورياً حول الإصلاحات التي تجريها السلطة الجزائرية في البلاد، والتي كان آخرها إقرار البرلمان الجزائري تعديلاً على الدستور، وما سبقها من تغييرات طالت معظم الجهاز الأمني في الجزائر.

 

يحيط بالجمهورية الجزائرية عدد من الملفات الساخنة التي وضعت البلاد فعلياً أمام مفترق طرق. فبالتوازي مع ارتفاع الحركة الشعبية الجزائرية كجزء من تصاعدها في المنطقة والعالم، تواجه البلاد استحقاقات عديدة، يكمن أهمها في الخطر المحدق بالجزائر انطلاقاً من الأراضي الليبية التي باتت نقطة لتجمع الأذرع الفاشية الجديدة في شمال أفريقيا. يليها الصراع ذو الطابع القومي الذي تعمل أجهزة استخبارات عدة (الصهيونية بشكل خاص)، على تأجيجه بين العرب والأمازيغ..

منذ سنوات، يتصدر حزب «جبهة التحرير الوطني» المشهد السياسي في البلاد. الحزب الذي استفاد من مرحلة صعود قوى البرجوازية الصغيرة إلى السلطة في العديد من بلدان المنطقة خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضي، ساهم، كنظرائه في المنطقة، بتضخم الجهاز الأمني في البلاد، والابتعاد تدريجياً عن تمثيل مصالح القاعدة الاجتماعية التي شكلت سابقاً رافعته للعبور نحو قيادة البلاد.

في المقابل، وفي تباين نسبي فقط مع الأنظمة التي واجهت حراكاً شعبياً متصاعداً في المنطقة، تطلق السلطات الجزائرية اليوم مؤشرات عدة تعلن وجود نوايا لدى أجزاء في جهاز الدولة الجزائري لاستباق الشارع، والدخول من بوابة «الإصلاح السياسي».

أطلقت أولى هذه المؤشرات بإعلان الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، تفكيك «دائرة الاستعلامات والأمن» المشهورة محلياً باسم «الدياراس»، وإلحاق عدد من فروعها برئاسة الجمهورية وقيادة أركان الجيش. تشي هذه الإشارة بعمق الخلاف الحاصل بين مؤسستي الرئاسة والأمن: حسب بعض الصحف الجزائرية، تقف مؤسسة الرئاسة، إلى جانب الجيش، في وجه بعض القيادات الأمنية التي تمثل مصالح رؤوس الأموال المشبوهين في الداخل الجزائري.

وبرز المؤشر الثاني، في قيام البرلمان بإقرار تعديل الدستور، الذي كان قد اقترحه بوتفليقة نفسه، والذي شمل توسيع صلاحيات البرلمان الجزائري، وتحديد ولاية الرئيس بولايتين فقط، مما يضع الجزائر أمام «جمهورية ثانية»، وهو المصطلح الذي بات يردد في الداخل الجزائري بشكل واسع.

لا تزال قوى المعارضة الممثلة في البرلمان تعتبر أن حجم الإصلاحات المنجزة حتى الآن لا ترتقي إلى مستوى الإصلاح المطلوب، الذي تراه متمثلاً في الإجهاز على رؤوس الفساد نفسها، لا على تابعيها داخل الأجهزة الأمنية فقط. مشهد يبدو أن تفاعلاته مرشحة للتصاعد خلال الفترة القادمة في البلاد.