كوريا الديمقراطية.. ما وراء «القنبلة الهيدروجينية»؟

كوريا الديمقراطية.. ما وراء «القنبلة الهيدروجينية»؟

منذ مطلع العام الحالي، تضاربت الأنباء حول طبيعة النشاط العسكري لكوريا الديمقراطية. بين الأقاويل التي أكدت قيام الدولة الآسيوية مؤخراً باختبار لقنبلة هيدروجينية على أراضيها، وتلك التي قصرت الموضوع على إطلاق لقمر اصطناعي نحو الفضاء.

 

في ظل هذا التضارب، شهدت التصريحات الدبلوماسية انقساماً حاداً بين الولايات المتحدة وحلفائها من جهة، وروسيا والصين وحلفائها من جهة أخرى، ففيما قام الثلاثي (واشنطن، سيؤول، طوكيو) بالتصعيد الدبلوماسي ومحاولات بائسة لفرض خيار عسكري على بيونغ يانغ، اكتفت الدبلوماسية الروسية والصينية، بخطاب رافض للعسكرة في شرق آسيا، بينما أعاق المندوب الروسي في مجلس الأمن أية محاولة لاستصدار قرار قد يفتح الطريق لتدخل عسكري في البلاد.

في هذا السياق، بدا لافتاً إعلان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، عن شك موسكو بإجراء كوريا الديمقراطية تجربة لقنبلة هيدروجينية بالفعل، داعياً نظراءه الأمريكي والصيني والكوري الجنوبي والياباني إلى إجراء استشارات لفهم طبيعة ما جرى في البلاد. 

رغم ذلك، اتجهت كوريا الجنوبية مباشرة إلى واشنطن، طالبة منها نشر منظومات مضادة للصواريخ على أراضيها، وهو ما قابلته الإدارة الأمريكية بالاستجابة السريعة، من خلال إعلان البنتاغون نيته إرسال منظومات دفاع جوي إلى سيؤول «بأقصى سرعة ممكنة». وعلى الأثر، بدأت الاجتماعات الأمنية والعسكرية بين الدول الثلاث، الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان، بمحاولات لتعزيز الوجود الأمريكي في شرق آسيا، كمحاولة لتثمير الحدث السياسي بما يخدم مشروع التصعيد في تلك المنطقة.

وفي سياق تحليل طبيعة التعاطي الروسي الصيني مع الحدث، قالت العديد من مراكز البحث العالمية أن تعاطي القطب الصاعد مع موضوع كوريا الشمالية يندرج في سياقين: بالمعنى القريب، يضع هذا القطب في حساباته مشروع التصعيد الأمريكي في شرق آسيا، وعليه، يحتاج إلى قوة ردع عسكرية فاعلة، قد تكون الرافعة لإنجاح مشروع فرض السلم العالمي بقوة الردع، لا سيما في ظل تنامي النزعة العسكرية اليابانية، والحضور الأمريكي الفاعل في كل من اليابان وكوريا الجنوبية.

وبالمعنى الاستراتيجي، الأبعد، تخمن بعض مراكز البحث أن الهدف النهائي للقطب الصاعد بما يرتبط بكوريا الديمقراطية، يكمن في سعيه ومحاولاته لفرض حل الملف بالمنطق ذاته الذي حل فيه الملف النووي الإيراني، أي من خلال ضمان حقوق الدول النامية في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، بما يعزز، في المدى البعيد، عمليات كسر التبادل الاقتصادي اللامتكافئ بين الدول المتقدمة والدول النامية، وهو الذي لا يزال يشكل أبرز آليات الهيمنة الإمبريالية على الدول النامية.

إن كانت مثل تلك الملفات تحل سابقاً حسب المنطق الأمريكي، القاضي بالتلويح بعصاه العسكرية، وفرض العقوبات والحصار على الدول الساعية إلى تحصين نفسها من تبعات «عالم تحكمه واشنطن»، فإن منطق المرحلة الجديدة التي تعيشها البشرية بفضل موازين القوى الجديدة، بات يسمح بحلها بعيداً عن الكسب الأمريكي، وقريباً جداً من تأمين مطالب هذه الدول بالسلام والأمان والنمو الاقتصادي بعيداً عن أطماع مراكز النهب الإمبريالي.