نابي سونبولي نابي سونبولي

السلاح النووي .. على من يجب أن تفرض الخطوط الحمراء .. إيران أم (إسرائيل)

طالب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في الثالث والعشرين من سبتمبر الماضي الولايات المتحدة وحلفاؤها بوضع خطوط حمراء واضحة فيما يخص البرنامج النووي الإيراني مشدداً على أن إيران اقتربت من إمكانية صنع قنبلة نووية في أواسط العام القادم.

إن فحصاً معمقاً لنتائج ما جرى ويجري من أحداث يكشف لنا صورة أخرى لواقع الأمور تختلف عن الصورة التي يرسمها لنا نتنياهو.
بعد هزيمة العراق في حرب الكويت عام 1990 ركز المسؤولون « الإسرائيليون»على البرنامج النووي الإيراني معتبرينه التهديد الأول لأمن الكيان «الإسرائيلي». فقد زعموا بدايةً أن إيران قامت بشراء مكونات سلاح نووي من جمهوريات سوفييتية سابقة ثم انتقلوا للتأكيد على أن إيران تسعى لامتلاك سلاح نووي وستتمكن من تحقيق هدفها هذا خلال بضع سنوات مطالبين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بالقيام بكل ما يلزم للحؤول دون حصول هذا الأمر. فتم - تحت ضغط التأثير»الإسرائيلي» الكبير- فرض عقوبات على قطاع النفط الإيراني في منتصف تسعينيات القرن المنصرم.
لكن القوى الأوروبية التي تعبت من حالة التبعية لكل من الولايات المتحدة والقيادة الإسرائيلية في فترة ما بعد انتهاء الحرب الباردة لم تكن مستعدة للقبول بالحجج «الإسرائيلية» حيث عمدت هذه القوى إلى تطوير علاقاتها مع طهران واعتبر هذا الأمر فشلاً أمريكياً في إلزام بعض حلفاء الولايات المتحدة بتنفيذ قوانينها.

لقد تمكن اللوبي الإسرائيلي في عهد بوش الابن من فرض خط أحمر وإدراجه في سياسة المحافظين في الإدارة الأمريكية وقد تمثل بمنع قيام أية عملية تخصيب في إيران على الرغم من أن في هذا مخالفة صريحة للقانون الدولي. وجرى لاحقاً تعديل هذا الخط من  إدارة أوباما ليتوافق مع القانون الدولي حيث أصبح ينص على منع إيران من امتلاك السلاح النووي. وكان الاتفاق البديل الذي تم اقتراحه ومن ثم سحبه من  الولايات المتحدة ينص بشكل ضمني على أنه لا مشكلة في استمرار إيران بعملية تخصيب الوقود النووي بشرط أن لا تصل نسبة هذا التخصيب إلى درجة الـ 20% على الرغم من أن هذه النسبة تعد قانونية وفقاً للقانون الدولي.

إن «إسرائيل» وعبر إثارتها للملف النووي الإيراني تسعى لتحقيق هدفين أولهما خلق صراع إيراني – «إسرائيلي» جديد الأمر الذي سيؤدي إلى ثانيهما أي إزالة الصراع ( العربي – «الإسرائيلي») القديم من الواجهة وبالتالي من دائرة اهتمام الرأي العام العالمي.
حيث نجحت «إسرائيل» إلى حدٍ ما -واستناداً لموقف الحكومات العربية من كل من البرنامج النووي والتأثير الإقليمي الإيرانيين- في إنشاء نوع من التحالف العربي – «الإسرائيلي» ضد إيران. وفي هذا الإطار يجب علينا أن لا ننسى امتناع الأنظمة العربية عن إدانة الممارسات العسكرية «الإسرائيلية» تجاه لبنان في 2006 وسورية في 2007 وقطاع غزة في 2009. فمن الواضح تركيز كل من السعودية وقطر ينصب على إيران وليس على «إسرائيل» ويمكننا استشفاف هذه الحقيقة بالنظر إلى الأزمة السورية والدعم الذي تقدمه كل من هاتين الدولتين للمتطرفين هناك.

إن إيران ليست هي أكثر ما تخشاه «إسرائيل» بل أن تُترك وحيدةً من  الغرب في جو التوتر غير المسبوق الذي تعيشه المنطقة. فإن «إسرائيل» ولأول مرة تشعر بأنها معزولة في الشرق الأوسط نظراً للمشكلات الاقتصادية الداخلية التي تعانيها إضافةً لعجز الأوروبيين والأمريكيين عن الدفاع عنها عند شنها للحرب بسبب أزمتهم.

لقد فقدت «إسرائيل» الآن كل من تفوقها الإقليمي والتزام حلفائها وما تعمل عليه حالياً هو ربط الدور الأورو- أميركي بالمنطقة عبر محاولة إقناعهم بشن حرب جديدةحيث تعتبر «إسرائيل» أن تكلفة الحرب ومدى نجاحها مسائل ثانويةوالأمر الأساسي المركزي لديها هو الإبقاء على التزام وانخراط أورو – أميركي طويل الأمد بالإنحياز لصفها في الصراع الشرق أوسطي.

مما لا شك فيه أن أمن «إسرائيل» هو أمر بالغ الأهمية للأمريكيين والأوربيين ولكنه ليس أهم من مصالحهم الخاصة. فالولايات المتحدة تدرك جيداً أنه في حال قامت «إسرائيل» بمهاجمة إيران فهي لن تملك سوى الإنضمام إليها ولكنها في هذه الحالة لن تستطيع حماية مصالحها.
فعلى الرغم من امتلاك أميركا لقوات عسكرية هائلة إلا أن لديها في الوقت عينه العديد من المصالح التي تحتاج إلى حماية دائمة والحال ذاته ينطبق على الأوربيين وبالتالي فإن صراعاً شرق أوسطياً طويل الأمد سيكون ذا كلفة عالية على الأوربيين والأمريكيين.
وإذا كان حق امتلاك القدرة النووية يتعلق بمعيار التطرف والاعتدال فمن المؤكد أن «اسرائيل» غير مؤهلة لامتلاك هكذا قدرة لأن حكومتها الحالية متطرفة بامتياز. لذلك فعلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي فرض خط أحمر عليها ومنعها من فرض سياستها عليهما.
تحدث المسؤولون «الإسرائيليون» في الأسابيع الفائتة مراراً عن توجيه ضربة عسكرية لإيران والتزمت معظم الدول الغربية الصمت حيال هذه التصريحات ولن يستطيع مسؤولو هذه الدول الإدعاء بأنهم لم يكونوا على علم بما كانت تخطط له «إسرائيل» في حال مهاجمتها للمنشآت النووية الإيرانية لأن المتطرفين في «إسرائيل» قاموا بتوضيح نواياهم بشكل مفهومٍ للجميع.
في ظل الحرب الاقتصادية المستمرة ضد إيران فإن المدنيين الأبرياء سيكونون هم الضحايا الأساسيين الذين سيسقطون لدى شن أي عمل عسكري ضد إيران وهنا تقع مسؤولية كبرى على عاتق أولئك الذين يزودون «اسرائيل» بجميع أنواع الأسلحة.

لقد أثبت خطاب نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة نهجه المتعجرف تجاه الغرب، وإذا لم تتمكن القوى الغربية من السيطرة على اسرائيل فإنها ستتحمل تكلفة لا تقل عن ثلاثة مليارات دولار لذلك يجب إيقاف النهج الذي تتبعه «اسرائيل» فوراً عبر فرض الخطوط الحمراء التالية عليها:

منعها من التدخل في السياسات الأوربية والأمريكية.
يجب إيقاف السياسات «الإسرائيلية» المتمثلة ب الاحتلال –التدخل السافر- العنف تجاه الفلسطينيين وحقوقهم.
لا يحق لنظام أن يصنع الأسلحة النووية وليس موقعاً على ما يجب /لا يجب عليها فعله.
ليس باستطاعة نظام هاجم جيرانه مرات عديدة خلال العقود الخمسة الماضية أن يتهم دولة مسالمة بإمتلاك نوايا عدوانية.
يجب على «اسرائيل» التوقف عن تضليل المجتمع الدولي فقد أمضت «اسرائيل» العشرين سنة الأخيرة وهي تردد إدعاءها بأن إيران ستملك سلاحاً نووياً خلال بضع سنوات ، وقد مضت كل تلك السنين دون حدوث هذا الأمر، ولن تكون السنة القادمة مختلفة عن سابقتها.

منع قيام الحرب مسؤولية عالمية.

إن حل الأزمة النووية الإيرانية أمره غير معقد، والاعتراف الشفاف بحقيقة الأمور هو الحل الأفضل. فإيران مستعدة لزيادة التعاون الشفاف مع الأطراف الدولية المفاوضة في حال اعتمادها ( الدول ) أسلوباً جدياً في المفاوضات كما أن إيران لم تعارض تنفيذ البروتوكول الإضافي أيضاً. إن برنامجاً نووياً شفافاً و واضح المعالم لن يهدد أمن أحد وهذا النوع من البرامج موجود في بلدان عديدة حول العالم كاليابان وجمهورية كوريا وجنوب إفريقيا والبرازيل ودول أخرى. وليس لدى إيران أي مشكلة في موضوع الشفافية لكن المشكلة موجودة لدى الأمريكيين وحلفائهم الذين استمروا بمحاولة عزل إيران ولم يتمكنوا – أو لا يريدون – الاعتراف بحقوقها ودورها ومصالحها.

•المصدر: مركز الأبحاث العالمية
www.globalresearch.ca
ترجمة : نور طه