اليونانيون بعد الفرنسيين.. يسار دُر والقارة العجوز قلقة..

بغض النظر عن جذرية القوى اليسارية الناهضة في  أوربا، أصبح صعود اليسار ظاهره ويمكن اعتباره على أقل تقدير مؤشراً على إفلاس الرأسمالية الربوية ويضع على جدول الأعمال مسألة البحث  عن بديل.

لقد عبر زعيم كتلة اليسار  ومرشحها الأول «الكسيس تسيبراس» الإعلان عن فرحه بصوت عالٍ، وحسب تقارير العديد من  وسائل الإعلام داخل وخارج اليونان هو الفائز الحقيقي في الانتخابات البرلمانية  يوم  الأحد الفائت، بعد أن حصد أصوات  أكثر من مليون ناخب وحاز على 16،8 بالمائة واحتل بذلك المرتبة الثانية في تسلسل القوى الممثلة في البرلمان، الذي تدخله «كتلة اليسار» للمرة الأولى.

وجاءت «كتلة اليسار» بالمرتبة الأولى في العاصمة اليونانية أثينا وفي سالونيك ثاني أكبر مدن البلاد بعد أن حصلت على ثلث أصوات الناخبين، وقد أعلن «الكسيس تسيبراس» بعد إعلان النتائج مباشرة، أن الناخبين أوصلوا  رسالة ل«ثورة سلمية»، وأضاف: «يتعين على الزعماء الأوروبيين، وخصوصا السيدة – ميركل - أن تدرك أن سياستها،سياسة التسلط والتقشف، قد منيت بهزيمة ساحقة».
وبلغ مجموع المقاعد التي حصلت عليها أحزاب اليسار 97 مقعداً غير كافية لتشكيل حكومة يسارية، فضلاً عن رفض الحزب الشيوعي (26 مقعداً) وحزب اليسار الديمقراطي (19 مقعداً) التحالف مع كتلة اليسار (52 مقعداً)، لرفض الأول التحالف انطلاقا من  مواقف أيديولوجية ترفض الحلول الممكنة وتطالب باعتماد الأهداف الإستراتيجية بديلاً عنها، في حين يرفض الثاني أيضا التحالف مع حزب كتلة اليسار لجذرية مواقفها اليسارية ويسعى للبحث عن مشتركات مع الحزب الديمقراطي الاجتماعي (باسوك).
وأحزاب التحالف الحاكم ستواجه صعوبة في تأمين الأكثرية المطلوبة على الأقل 151 مقعداً، فحزب  «الديمقراطية الجديدة»  اليميني حصل على 108 مقاعد فقط، في حين استطاع  الباسوك الحصول على 41 مقعداً بعد أن خسر 30% من أصوات الناخبين مقارنة بالانتخابات السابقة.
وأعلن زعيم اليمين «انتنيوس سماراس» عن رغبته في الحوار مع جميع القوى الممثلة في البرلمان، ولكن القوى التي يمكن أن يتحالف معها هي حليفة في الحكومة المنتهية ولايتها حزب «الباسوك»، والجناح المنشق  من حزب «الديمقراطية الجديدة»  حزب  «اليونانيون المستقلون» ،  إلا إن رئيس الحزب المذكور أعلن للصحفيين عدم استعداده للتحالف مع حزبه القديم واصفا إياهم بالخونة وخدام البنوك.
من جانبه اعتبر زعيم الباسوك: «أن الشعب اليوناني قد غير الخريطة السياسية في البلاد ونحن نحترم قرار الشعب» وأضاف ايفانجيلوس فينيزيلوس:  «لم يصوت  الشعب لا لحزب واحد ولا لتحالف ذي موقف ودي من الاتحاد الأوربي فمن المنطقي العمل من أجل حكومة وحدة وطنية بمشاركة جميع القوى التي تمتلك رؤية أوربية ، بغض النظر عن موقفها من مذكرة واتفاقات الديون».
من الجدير بالذكر أن جميع القوى البرلمانية ترفض التحالف مع الحزب النازي الذي حصل على 21 مقعداً ودخل البرلمان هو الآخر للمرة الأولى، وعليه تبقى الأسئلة مفتوحة حول مستقبل الحكومة اليونانية الجديدة، فربما يضطر اليونانيون لخوض غمار انتخابات جديدة.
 
ردود فعل أوربية
 في هذه الأثناء، شدد الاتحاد الأوروبي وألمانيا على ضرورة التزام اليونان باملاءات الاتحاد الأوربي  وصندوق النقد الدولي للحصول على حزم «الإنقاذ المالي»، وذلك بعد يوم من الانتخابات التي كشفت  تأييداً كبيراً للأحزاب المعارضة لسياسات  التقشف.
ووصفت المستشارة الألمانية «أنغيلا ميركل» الإصلاحات التي طبقتها اليونان بأنها «ذات أهمية قصوى»
من جانبه، قال «ستيفين سيبيرت» المتحدث باسم الحكومة الألمانية الاثنين «يجب أن تطبق البرامج المتفق عليها»، في إشارة إلى إملاءات الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد كما شددت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية بيا هانسين على التزام اليونان بتعهداتها السابقة.
وقالت إن المفوضية «تأمل وتتوقع أن تحترم الحكومة المقبلة في اليونان الالتزامات التي دخلت بها،والتي تمت بموجبها الموافقة على تقديم حزم الإنقاذ المالي لليونان»، وأضافت أن المفوضية مستعدة  لمساعدة  أثينا على أجندتها الحالية للإصلاح.
قطاعات كبيرة  من الشعب اليوناني تشعر بالغضب من  إجراءات التقشف القاسية التي فرضتها الحكومة مقابل الحصول على مساعدات دولية لإخراجها من عثرتها المالية، وهو ما ظهر في نتائج التصويت بوضوح كبير.