شيطنة العدو: إعداد الأمريكيين والعالم لحرب شاملة ضد إيران
- أصبحت الجهود المتواصلة لتصنيف إيران على أنها مصدر تهديد نووي، والادّعاء بأنها تسعى لامتلاك أسلحة دمار شامل، مألوفةً لدى الجميع تقريباً، الأمر الذي يعد تجاهلاً لاحتمال أن تكون إيران صادقة في أنها تجري أبحاثاً نووية لأغراض مدنية، غير عسكرية، «وهو أمر قابل للنقاش» وتغاضياً عن الشكوك الجدية لدى العديد من الخبراء حول قدرة إيران على تصنيع أسلحةٍ نووية. ولعل الأمر الأكثر أهمية هو إغفال حقيقة امتلاك بلدان عديدة «ومنها إسرائيل عدو إيران اللدود» للأسلحة النووية، وتجاهل الحقيقة الثابتة بأنه في حال استخدمت دولةٌ كإيران أسلحة نووية فإنها ستُمحى عن الخارطة خلال ثوان، مما يعني عدم إمكانية الاستخدام النووي بشكل هجومي. وفي الوقت نفسه تقوم إيران، عبر دفعها البلدان الأخرى وخصومها الداخليين للاقتناع بامتلاكها أسلحة نووية، بإقامة درعٍ غير مكلف يحمي نظامها.
إنها لعبةٌ خطرةٌ بالتأكيد، فمن غير الممكن، دون توفر أدلة إضافية حول السلاح النووي الإيراني المزعوم، إيجاد سببٍ لشن حربٍ ستؤدي دون شك لموتٍ وخرابٍ يفوق ما تسبب به الغزو الخاطئ للعراق.
- هل تذكرون اتهام إيران «الباطل» بأنها استأجرت فرقةً ضاربة من فرق تجار مخدراتٍ مكسيكيين لتنفذ عملية اغتيال السفير السعودي في أمريكا؟ كان هذا الادعاء سخيفاً جداً حتى إنَّ أشد وكالات الأنباء حذراً سخرت منه بشكل خفي، مع ذلك فمن المحتمل أن هذا الادعاء كان مجرد اختبار لمعرفة ما سيحدث، وربما أثر على نسبة من الأمريكيين، خصوصاً أولئك الذين يحصلون على معلوماتهم من مصادر ذات طابع قومي متطرف مثل شبكة «فوكس».
- حول الادعاء الحالي بأن إيران كانت متواطئة في هجمات الحادي عشر من سبتمبر: توصلّ قاض فيدرالي هذا الشهر، بعد مراجعته لدليلٍ تم تقديمه خلال دعوى مقدمة نيابة عن ضحايا اعتداءات 11 أيلول، إلى إثبات تورط إيران بـ «تقديم الدعم المباشر لتنظيم القاعدة وبشكل خاص لتنفيذ الهجمات في 11 أيلول 2001»، الأمر الذي قد يجذب الانتباه نظراً للشحنة العاطفية التي يحملها. وبما أن إصدار هذا القرار وأساس الدعوى قد قاما بناءً على ادعاءات هاربين، كان لابد من مزيد من التمحيص، حيث تظهر التجربة الماضية أنه كثيراً ما يتاجر الهاربون بمزاعم سياسية قيمة لتحقيق منافعهم الشخصية. «ولنتذكر مصدر وكالة المخابرات المركزية، غير الموثوق، في العراق المسمى «Curveball»؟» كما إن عمليات التنصت على المكالمات التي قامت بها «وكالة الأمن القومي» والتي يتم الاستشهاد بها تعيد إلى الذاكرة عمليات التنصت التي قدِّمت كدليلٍ على امتلاك صدام حسين لأسلحة دمار شامل.
تجدر الإشارة هنا إلى أن إيران المتَّهمة لم تكن حاضرة كي تعترض على الادعاءات بحقها، بالإضافة لهذا فإن مراجعة مزاعم الادعاء الكثيرة تُظهر احتمال إساءة استخدامها كدليلٍ ظرفي في القضية.
«مثال: «مرَّ عددٌ من خاطفي الطائرات التي نفذت اعتداءات 11/9 بإيران في طريقهم من وإلى أفغانستان، حيث استفادوا مما تقوم به إيران بعدم ختم جوازات السفر السعودية». إن هذا الادعاء يتجاهل أن إيران، عدوة السعودية، لا تقوم بختم جوازات السفر السعودية كي لا يتعرض المواطنون السعوديون، خاصةً الأقلية الشيعية، لمشاكل مع السلطات السعودية عند عودتهم من إيران، وهذا مشابه لما تقوم به كوبا بعدم ختمها لجوازات السفر الأمريكية».
لم تنتشر هذه القصة على نطاقٍ واسعٍ بعد، لكن التعويل سيكون على هذا القرار القضائي ليتم الاستشهاد به بشكل متزايد خلال الشهور القادمة من أولئك الذين يدفعون باتجاه الحرب.
وهذه بعض الأمثلة التاريخية للاتهامات الكاذبة والتشويه الإعلامي (من عام 1990 حتى عام 2011:
- تحميل صدام حسين المسؤولية في قضية وفاة أطفال الحواضن، واتهامه بالتآمر على الرئيس بوش الأب، واستفزازه بـ «الحفر المائل» من الكويت وعدم الاعتراض في حال قرر القيام بفعل ما، إضافةً إلى اتهامه بالتآمر في أحداث الحادي عشر من أيلول والمحاولة الخاطئة لربطه بتنظيم القاعدة وادعاء امتلاكه لأسلحة دمارٍ شامل وبأنه يمثل تهديداً وشيكاً وإطلاق مزاعم تمت إساءة فهمها ليبدو أنه (أي صدام) لم يتخلص من مخزونه من أسلحة الدمار الشامل كما أُمِر بأن يفعل.
- لوم القذافي على تفجير لوكربي، واتهامه بالاغتصاب و القتل الجماعيين، وبأنه يمول الانتفاضة، وعندما يردّ القذافي يتم قصفه لأسبابٍ «إنسانية» لضمان سلامته!!
ليس من الضروري أن تؤيد هذه الأنظمة لترى أن هذه الأشياء قد تكون «وفي كثير من الأحيان تكون مؤكدة» استفزازات خاطئة تنبع من دوافع خفية فكم من هذه الدول هي دول مصدرة للنفط؟.
وبإمكانك أن تمقت هذه الأنظمة وتتمنى زوالها، وتبقى مدركاً للصعوبة التي تواجهها الحكومة الأمريكية في الاختلاق المتكرر للأكاذيب التي توزعها على شعبها، في ظل أي إدارة تدعي تمثيل النموذج الراقي والاهتمام بخدمة المصلحة العامة، وهذا أمرٌ، يجب علينا جميعاً ألا نكون طرفاً فيه.
في النهاية، إذا كانت المصلحة العامة تعرَّف بأنها«الاستيلاء على النفط أينما وجد» فهذا شيءٌ يجب علينا نقاشه سريعاً، فلهذا التعريف نتائج قاسية منها تخويل تلك القوى، الشركات والحكومة على حد سواء، التي تربح بشكل كبير من تنمية استخراج الوقود الأحفوري، ولديها ما يكفي من أسباب لمنع تطوير مصادر الطاقة المتجددة. هؤلاء هم من يُعرّفون اليوم بأنهم الـ 1%.. وهؤلاء هم مـَن يدمرون عالمنا.