تصعيد الداخل يهدد «الحلم الصهيوني»
على أكثر من صعيد، تقلب حكومة الاحتلال الصهيوني خياراتها لتفادي التصاعد الحاصل في مستوى التحرك الشعبي الفلسطيني. فما بين المحاولات الرامية لامتصاص حركة الشارع وحرفها عن مسارها، والدعوات لزيادة القمع الممارس بحقها، تقف سلطات الاحتلال حائرة عند منعطف وعر.
أكثر من 50 عملية ومحاولة طعن، إضافة إلى 1040 حادث إلقاء حجارة، و37 حادث إطلاق نار، و430 زجاجة حارقة، هي إحصاءات صادرة عن «مركز القدس لدراسات الشأن «الإسرائيلي»»، الذي لفت إلى أن المستجد نسبياً في هذا النشاط المقاوم، هو عمليات الطعن التي أدت بإحدى نتائجها إلى ما يشبه حظر تجول يفرضه الفلسطينيون على المستوطنات الصهيونية.
حكومتهم تدرس الأسباب!
في سياق البحث الصهيوني عن أسباب تنامي العمل المقاوم، أرجع رئيس شعبة المخابرات الصهيونية، هرتسي هاليفي، «موجة الإرهاب» إلى ثلاثة أسباب رئيسية، وذلك في إحدى الجلسات الأسبوعية التي عقدتها حكومة العدو مؤخراً، وهي: خرق الوضع الراهن في الحرم المقدسي، والعملية ضد عائلة الدوابشة، و«اليأس لدى الجمهور الفلسطيني بغياب الأفق لتغيير الوضع القائم بالطرق التفاوضية»..!
فيما يخص السببين الأول والثاني، تكفي الإشارة سريعاً إلى أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس عرض على وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مؤخراً، خمسة مجلدات كبرى، تضمنت توثيقاً للانتهاكات الصهيونية، والإعدامات الميدانية التي نفذتها قوات الاحتلال في فلسطين المحتلة، وذلك بغض النظر عن المنطق المساوم المعتمد من السلطة الفلسطينية لهذا العرض، والذي أخذ عموماً طابع «الشكوى ضد ظلم الاحتلال».
يمكن الوقوف عند السبب الثالث قليلاً، فالحديث عن «اليأس والإحباط» الفلسطيني من انسداد الأفق السياسي، حسب وصف «هاليفي»، يعطي إشارة ضمنية لفشل سياسات التطبيع التي تجري محاولة فرضها على الفلسطينيين في الضفة الغربية وأراضي الـ48. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، إلى حالة التخبط في خيارات الاستمرار في سياسات القمع التي تنتج أثراً عكسياً، يصل إلى مخاوف جدية بانهيار تمسّك المستعمرين بخيار «دولتهم»، وهو ما يعني بالمضمون انهيار مشروع «إسرائيل الدولة»، كما عبر نتنياهو عن هذه الحالة بشكل موتور: «يقولون لنا إن هذا يحدث بسبب الإحباط، وهذا ليس بسبب وجود أو عدم وجود أفق سياسي، وإنما بسبب الرغبة في التخلص من دولة «إسرائيل»».
فوبيا الطعن والحجارة!
أفادت وزارة الصحة الفلسطينية مؤخراً بارتفاع حصيلة الشهداء منذ 3 تشرين الأول وحتى الخامس من هذا الشهر، إلى 75 شهيداً، إضافة إلى مئات الجرحى، قسم كبير منهم أصيب بالرصاص الحي المعدني المغلف بالمطاط، لمجرد اقترابهم من حواجز الاحتلال في الضفة والخليل، ما يوضح حالة التوتر التي يعيشها جنود الاحتلال جراء عمليات الطعن المتصاعدة في فلسطين المحتلة، حتى أن الكنيست أقر في إطار الإجراءات القمعية الجديدة ضد حركة الشارع الفلسطيني مشروع قانون يفرض عقوبة السجن لثلاث سنوات على الأقل على راشقي الحجارة.