مفاوضات اليمن على إيقاع دولي متغيّر
بالتوازي مع عملية عسكرية كبيرة تقوم بها القوات الموالية للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، بدعم من «التحالف العربي» في تعز، يجري التحضير لجولة جديدة من المفاوضات، ضمن مناخ إقليمي ورعاية دولية سمحت بتكثيف المشاورات مع أطراف النزاع اليمني في الآونة الأخيرة.
بالتزامن مع قبول جماعة «أنصار الله» والرئيس السابق، علي عبد الله صالح، بتطبيق القرار الصادر عن مجلس الأمن «2216»، وإعلان وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، انتهاء عمليات التحالف العربي بقيادة بلاده قريباً، يعمل المبعوث الدولي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، على تحضير طاولة المفاوضات المزمع عقدها في أواسط هذا الشهر بهدف إيجاد توافق حول بنود القرار.
في تفسير القرار الدولي
تعد موافقة «أنصار الله» وصالح على تطبيق القرار الدولي «2216»، وترحيب الرئيس هادي بهذه الموافقة، خطوة هامة على طريق حل الأزمة اليمنية. إلا أن إدخال القرارات الدولية إلى غرف المفاوضات ليس بالمهمة السهلة. فقبل الحديث عن الحالة اليمنية، يمكن الإشارة إلى أن الأزمة الاوكرانية والليبية، ومؤخراً الأزمة السورية، تشهد على مناورات مستمرة ما بين السطور، تبدأ برفع السقوف إلى أعلى حد ممكن، قبل الوصول إلى حلول تناسب كل أزمة وخصوصياتها.
بالعودة إلى الحالة اليمنية، فإن الخلاف الرئيسي اليوم يكمن في ترتيب الأولويات التفاوضية. فالحكومة اليمنية «المعترف بها دولياً»، تصر على انسحاب المسلحين وقوات صالح من المدن وتسليم الأسلحة قبل بدء التفاوض، وهو ما ترد عليه «أنصار الله» بالمطالبة بضمانات لطبيعة القوى التي ستملأ فراغ الانسحاب المذكور، وتأجيل بحث قضية تسليم الأسلحة إلى حين تشكيل لجنة يتم الاتفاق عليها عبر الحوار، كما تطالب الجماعة بتطبيق البنود ذاتها على قوات «اللجان الشعبية» الموالية للرئيس هادي، إضافة إلى مسلحي «حزب الإصلاح».
التحضير للانعطافات
رغم أن احتمالا التصعيد أو التهدئة ما زالا مشرعين في اليمن، إلا أن المطالب الأولية للأطراف المتنازعة لا تبدو بالعصية. وبالنظر إلى شكل الصراع الحالي، المتجسد بعمليات عسكرية كبيرة وذات آجال محدودة، بالتوازي مع تحضيرات أولية وجدية لتفعيل المسار السياسي، يمكن الإشارة إلى أمرين أساسيين:
الأول، يتمثل في حقيقة وجود تفاهمات دولية وإقليمية، ليست بالضرورة معلنة، بغرض تأطير الملف اليمني، بعد وصوله إلى حالة الاستنزاف الخطيرة اليوم. والثاني، أن السعودية المتورطة في الأزمة اليمنية ترقب المشهد الإقليمي ككل، وتحتاج إلى إيجاد وضع مرن يسبق تغيرات قد تكون متسارعة في ملفات المنطقة المتشابكة، فأي تقدم لحلول سياسية في ملفات مشتعلة كالأزمة السورية مثالاً، بما يعنيه من ضربة جديدة للولايات المتحدة، من الممكن أن يرتد على وضع المملكة الهش أساساً، بحكم التورط المباشر في قضايا إقليمية، وأخرى دولية كقضية تخفيض أسعار النفط عالمياً. وعليه، فإن تجهيزاً لانعطاف مرجح هو ما يجري التحضير له على الساحة اليمنية.
إلى ذلك، اجتمع ولد الشيخ أحمد الأحد الماضي بمسؤولين سعوديين لبحث موعد المفاوضات المرتقبة، كما التقى لاحقاً بالرئيس هادي ورئيس الحكومة خالد البحاح، لتحضير جدول أعمال أولي، قبل حلول منتصف الشهر الحالي.