العزل الفاشل.. عامان على الحرب الأوكرانية
تدخل المواجهات العسكرية الأوكرانية عامها الثاني، كمؤشر على مواصلة مراكز القرار الغربية لمشروعها الذي يحاول عزل روسيا عن محيطها الجيوسياسي الحيوي، وعلى المحاولات اليائسة لعرقلة الطريق أمام مشاريع الربط التي يحملها الخصوم الاستراتيجيين للهيمنة الأمريكية الآفلة.
تعكس الأحداث الأوكرانية، بما تحمله من قرارات حكومية سريعة وكارثية، العمل الأمريكي المحموم لإطالة أمد الفوضى في أوكرانيا، عبر خلق بؤرة توتر جاهزة للانفجار على أكثر من محور، بما يهدد الخاصرة الروسية جدياً.
تجنيد المرتزقة.. من كل البقاع
في خطوة لافتة، وقع الرئيس الأوكراني، بيترو بوروشينكو، يوم الثلاثاء 3/11/2015، قانوناً يسمح باستخدام المرتزقة الأجانب في الجيش الأوكراني، عن طريق التعاقد من أجل تشكيل «وحدات عسكرية ذات قدرة قتالية عالية». وفيما لا تعتبر ظاهرة المقاتلين الأجانب حدثاً طارئاً على الوضع الأوكراني، إلا أن قوننة هذه العملية سرعان ما قوبلت برفض شعبي واسع، لا سيما في مناطق شرق أوكرانيا.
يوفر القانون الجديد غطاءً قانونياً للمرتزقة الموجودين أصلاً في أوكرانيا، والذين جرى التعاقد معهم بعدما استقالوا من وظائفهم في المؤسسات العسكرية الخاصة في السويد وإستونيا وبولونيا وغيرها، ليعملوا بطريقة غير رسمية مع الجيش الأوكراني ومجموعات فاشية جديدة مثل «القطاع الأيمن» ومجموعات «حزب اللكمة». كما كان البرلمان الأوكراني قد أقر بالقراءة الأولى مشروع قانون يسهل إجراءات الحصول على الجنسية الأوكرانية للأجانب الذين يخدمون في الجيش الأوكراني.
وبعد صدور القانون، أعلن موقع «روسكايا فيسنا»، نقلاً عن خبير المعهد الروسي للدراسات الاستراتيجية لأوكرانيا، ايغور كفاسنيوك، أنه جرى نقل مسلحين من تنظيم «داعش» إلى أوكرانيا ليقاتلوا «القوات الشعبية» في جمهوريتي دونتسيك ولوغانسك، حيث «تتزايد أعداد الإرهابيين في الجنوب الشرقي من أوكرانيا باستمرار، حيث وصل بالفعل إلى عشرات الآلاف، الذين يعبرون الحدود التركية، ويصلون بعدها إلى رومانيا، ومن هناك يذهبون إلى أوكرانيا بحراً. وهناك عدد كبير من الإرهابيين في أوديسا».
صوت الناس بين خيارين
في الوقت الذي يتم فيه تدمير بقايا الاقتصاد الأوكراني، وتنشيط الاقتصاد المرتبط برأس المال العالمي، القائم على بيع البلاد وتنشيط العمل في سوق السلاح والحرب والدعارة والمخدرات وتهريب البشر والإتجار بالأعضاء البشرية، تبدو أصوات المواطنين الأوكرانيين، لا سيما المقيمين في المناطق الخاضعة لسلطات كييف، مغيبة ومصادرة.
في المقابل، وعلى الرغم من محاولات التعتيم الإعلامي، يتصاعد التأييد الشعبي الأوكراني للاتحاد الأوراسي في المناطق الغربية من البلاد. وفي ظل الضغط الأمني الذي تمارسه السلطات الأوكرانية، يتخذ هذا التوجه الرافض للتورط في المشاريع الأمريكية شكل الجمهوريات الشعبية التي تتعدد محاولات إنشائها دون تغطية إعلامية لها، والتي لم تكن آخرها المحاولتين الفاشلتين لإعلان «جمهورية بيسارابيا الشعبية» في الجنوب الغربي لأوكرانيا، وفي المناطق الواقعة بين أوديسا على البحر الأسود، والحدود المولدافية والرومانية في الغرب، غير أن القمع الذي تعرضت له هذه التحركات لم تمنع الساعين نحو توطيد العلاقات مع الجار الروسي من مواصلة الطريق في وجه الأدوات الأمريكية في أوكرانيا.