وسائل إعلام أمريكية: روسيا تنتزع زمام المبادرة في الشرق الأوسط
يراقب الأمريكيون مدى تهافت وفود رفيعة المستوى من المملكة العربية السعودية وغيرها من بلدان الخليج نحو موسكو.
بحسب وسائل إعلام أمريكية يعود السبب إلى ارتباط ذلك ببدء العمليات الجوية الروسية في سورية، ومذاك، أخذت روسيا تتحول إلى لاعب رئيسي ومفتاحي في الشرق الأوسط قادر على إزاحة واشنطن تدريجياً من هذه المنطقة- هكذا تؤكد مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية.
بعد زيارة وزير الدفاع السعودي، محمد بن سلمان، الأولى إلى الرئيس بوتين من أجل مناقشة الوضع في سورية، سرعان ما تبين وخلال أسبوعين مدى التحول الحاصل منذ سنوات في ميزان القوى داخل الشرق الأوسط.
تضيف المجلة في مكانٍ آخر: «ها هي موسكو تمسك بزمام المبادرة، ليس فقط من الناحية العسكرية، بل كذلك في الحقل الدبلوماسي أيضاً، حيث لاحظنا أن وفوداً من شخصيات على مستوى عال، سعودية – خليجية – وعربية أخرى، يطرقون أبواب الرئيس فلاديمير بوتين، وليس مكتب الرئيس الأميركي في البيت الأبيض».
كما تورد «فورين بوليسي» تعليقاً بالغ الدلالة للسفير الأميركي السابق في أفغانستان والعراق، ريان كروكر، حول مدى التغيرات في الشرق الأوسط: «إذا كانت زيارة وزير الدفاع السعودي إلى روسيا قد تمت بالتنسيق مع واشنطن شيء، ولكن إذا لم يحدث ذلك فهذا يعني أن السعوديين يقولون لنا: أنتم عديموا الفائدة».
بعد بدء العمليات الجوية الروسية في سورية، أعرب كروكر عن قناعته بأن موسكو طرحت على إدارة أوباما تحدياً غير مسبوق، وهذا فرض على الكثير من حلفاء واشنطن الأخذ بالاستنتاج القائل: بأن الولايات المتحدة تفقد اهتمامها بالمنطقة، وهي جاهزة للقبول بالتأثير المتنامي لروسيا وإيران في الشرق الأوسط.
كما أن الرئيس الأميركي تحول إلى محط انتقادات واسعة داخل بلاده. ففي مقابلة تلفزيونية مع قناة «MSNBC»، اعترفت المرشحة لمنصب الرئاسة، هيلاري كلينتون، بفشل خطط إدارة أوباما حول تدريب المسلحين السوريين. وفي الوقت ذاته، دخل على خط انتقاد البيت الأبيض، السياسي الأميركي المخضرم، زبيغينو بريجنسكي، حيث كتب في عموده في صحيفة «فايننشال تايمز»: «لابد أن نطلب من روسيا، وبدون تورية وقف أعمالها العسكرية التي تؤدي إلى احتكاكات بالقوات الأمريكية، وفي حال الرفض، لا بد لأمريكا من الانتقام». وهناك سياسيون وخبراء آخرون دعوا الإدارة الأمريكية إلى إقامة منطقة حظر جوي في شمال سورية.
لكن الرئيس الأمريكي لا يزال ينكر فكرة أن روسيا تتبوأ مركز القيادة بدل الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، إلا أن الباحثين والخبراء الذين عملوا طويلاً في الشرق الأوسط، يعتقدون أن السعودية تجس النبض، وتهيئ الأجواء لعقد صفقات مع روسيا، سواء حدث هذا بالتنسيق مع واشنطن أو بدونه.
تشير «فورين بوليسي» إلى أن بغداد استفزت واشنطن إلى أقصى حد، عندما رحبت بالعمليات الجوية الروسية في سورية، إضافة إلى طلب العبادي من روسيا توسيع العمليات لتشمل العراق. وهناك حليف آخر لواشنطن في المنطقة، وهي القاهرة، التي نراها تحاول وبحماسة تقوية العلاقات مع روسيا. فبعد وصوله إلى السلطة عام 2013، قام عبد الفتاح السيسي بزيارة روسيا أربع مرات، واستقبل بوتين في القاهرة في شباط من هذا العام، وللمقارنة، لم يزر السيسي واشنطن إلا مرتين.
وها هي «إسرائيل» أيضاً تطرق أبواب موسكو قبل بدء العمليات الجوية الروسية في سورية ببضعة أيام. ففي 21 أيلول، التقى الرئيس فلاديمير بوتين مع «رئيس الوزراء»، بنيامين نتنياهو، يرافقه «رئيس الأركان» و«قائد الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية». وفي بالمقابل، تعتبر «فورين بولسي» أن زيارة الجنرال قاسم سليماني لموسكو إشارة واضحة إلى متانة التحالف بين موسكو وطهران. فالرجل هو قائد «فيلق القدس»، والمسؤول عن تنفيذ العمليات العسكرية السرية خارج حدود بلاده، كما تعتبر المجلة أن الهدف من زيارته، هو التوافق على وضع خطط العمليات الهجومية في سورية، ودعم الجيش السوري في استعادة المواقع، والقضاء على المسلحين.
إن كل ما سبق بحسب «فورين بوليسي»، يؤكد تغير ميزان القوى في الشرق الأوسط، حيث بدأ حلفاء واشنطن يقتنعون أكثر فأكثر أن الولايات المتحدة تفقد تأثيرها في تلك المنطقة.
*عن موقع «RT» باللغة الروسية