بركات قار لـ«قاسيون»: سنواصل نضالنا داخل البرلمان وخارجه
نجح حزب «الشعوب الديمقراطي» التركي في وضع حد لأوهام «العدالة والتنمية» في الاستفراد بالبلاد. وبعد تجاوزه العتبة البرلمانية المطلوبة لذلك، وحول المتغيرات في المشهد السياسي التركي، والتوجهات التي يخطط لها الحزب، كان لـ«قاسيون» حواراً جديداً مع عضو المجلس المركزي لحزب «الشعوب الديمقراطي»، بركات قار.
ما الذي سيتغير في المشهد السياسي التركي في ضوء نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة؟
في الحقيقة تغير الشيء الكثير من خلال نتائج هذه الانتخابات، فأولاً: الفكرة العامة أصبحت في المجتمع كله، وخاصة في صفوف المعارضة، بأن رجب طيب أردوغان، لا يمكن أن يكون رئيساً مطلقاً كما يدَّعي ويحلم. ثانياً: أنه لا يمكن لحزب «العدالة والتنمية» أن يغير الدستور بشكلٍ منفرد، ولا يستطيع- بعد تجاوزنا لعتبة 10%- أن يشكل حكومة يستفرد فيها بالبلاد.
من هذا المنطلق، تغير المشهد تماماً، وانقلبت الأمور رأساً على عقب، وتغير ميزان القوى المطلوب في البرلمان ولتشكيل الحكومة. وبعدما وقفت تركيا على عتبة الهاوية سابقاً، يجد الشعب التركي الآن متنفساً له بشكلٍ عام. ونرى اتجاهاً عاماً مغايراً لحالة القلق التي كانت تسود المجتمع كله.
إلى أي مدى سيساعد انتصاركم في الحد من تفرد أردوغان؟
لا شك أن حزب أردوغان، ومن خلال حصوله على 41% لا يزال حزباً قوياً، ونحن لا نغض النظر عن هذه الحقيقة. لكن في الواقع، وما كنا نريده، هو أن نضالنا وضع حدوداً للكثير من سياساته الخاطئة التي كان من غير الممكن الاستمرار بها. ونضالنا، من خارج البرلمان وفي داخله، سيحد بالكثير من سياساته الخارجية والداخلية، ويضغط عليه باتجاه مسار السلام، هذا المسار الذي لا يمكن أن نتخلى عنه بأي شكلٍ من الأشكال.
وما هي الخيارات المتاحة أمام «العدالة والتنمية» اليوم؟
في تقديري، لا يمكن لـ«العدالة والتنمية» أن يشكل حكومة ائتلافية مع باقي الأحزاب في البرلمان، وحتى ولو ذهب إلى حكومة ائتلافية فإنه بالدرجة الأولى يحتاج إلى حكومة قوية. أما سيناريو هذه الحكومة، فإنه يدور الحديث عنه الآن على أساس تحالف بين «العدالة والتنمية» وحزب «الشعب الجمهوري»، بشرط أن يلتزم أردوغان بحدود صلاحياته. ومن هذا الباب فقد قام بدعوة وفد من «الشعب الجمهوري» وتشاور معه، لبحث كيفية تشكيل هذا الائتلاف. وبتقديري، فأردوغان الآن بحاجة إلى أن يكون هذا الحزب بجانبه، حتى يتواصل بشكلٍ أكبر مع الغرب، ويحاول أن يحد من سياسته المتوترة في المنطقة، وأعتقد أن حزب «الشعب الجمهوري» قابل لذلك. أما الخيار الآخر، فهو تشكيل حكومة بالتحالف مع حزب «الحركة القومية» الفاشي، لكن مثل هذا السيناريو سيشكل عبئاً على أردوغان وحزبه، ويفاقم مشاكله أكثر مما كانت عليه، إلا أنه يمكن لهذه الحركة أن تساوم وتحصل على بعض المصالح من «العدالة والتنمية»، لكن أعتقد أن الأخير يفكر في حكومة أوسع يبنيها مع حزب «الشعب الجمهوري».
هذه هي الخيارات المتاحة الآن أمام «العدالة والتنمية»، ومهما هدَّد في انتخاباتٍ مبكرة، فهذا كله عبارة عن تهديدات فارغة لخصومه السياسيين، فأردوغان غير مستعد بعد لهذا الاستحقاق، لأن الانتخابات المبكرة سوف تنهي هذا الحزب وتفرط عقده، وتقسمه تماماً.
ما هي خطة عملكم في البرلمان؟ وكيف ستعكسون ذلك في الشارع؟
خطة عملنا في البرلمان الآن هي في الدرجة الأولى تطبيق برنامجنا الانتخابي. وقد أخذنا في الاجتماع الأخير يوم أمس (الأربعاء الماضي) للمجلس المركزي لحزب الشعوب الديمقراطي، قراراً بأن لا نتحالف أبداً مع حزب «الحركة القومية» أولاً، ومع حزب «العدالة والتنمية» ثانياً، بأي شكلٍ وبأي ظرفٍ كان، لأن هذا الأخير هو الآن في طور العد التنازلي والتراجع وهو معروف بسياساته.
لذلك، فلدينا خطة وبرنامج للقيام بعمل مكثَّف من خلال البرلمان وخارجه، بخصوص قضايا المنطقة، وجيراننا خاصة، للدفع باتجاه وقف إطلاق النار في سورية، مثلاً، مع بذل جهود أكبر وأوسع لحل القضايا سلمياً وسياسياً، وهذا سنقوم به مع كل القوى الديمقراطية والثورية المتضامنة معنا، التي سنعمل على تطوير علاقاتنا بها.
وفي البرلمان، فإن كتلتنا البرلمانية ستستمر في الدفاع عن مسار السلام، وتحقيقه في المنطقة ومع جيراننا. سنحاول بشتى الوسائل، أن نقوم بحملات برلمانية وتعبئة الرأي العام، لوقف تمدد القوى الفاشية في سورية، وإيقاف المساعدة التي كانت تقدم لها، إلى جانب إلغاء قرارات التدريب والتجهيز لهذه القوى وإرسالها إلى سورية، وكذلك حل مشاكل اللاجئين السوريين على الأراضي التركية بشكلٍ حقوقي وإنساني وعلى المستوى الدولي. ومن جانبٍ آخر، سنصد وسنكافح القرارات الأمنية المتشددة التي خرج فيها حزب «العدالة والتنمية»، وسندفع باتجاه إلغائها في البرلمان، فضلاً عن الكثير مما ورد في برنامجنا السياسي.
أخيراً، أقول لكم أن المجلس المركزي لـ«الشعوب الديمقراطي» قد اتخذ قرارات صارمة وهامة حول بقاء حزبنا في صفوف المعارضة، كحزب معارض أساسي، يستمد فعاليته من خارج البرلمان وفي داخله، على أن نستمر في مواجهة كل التابعين للنظام الرأسمالي وممارساته بحق شعبنا وشعوب العالم.