غزة ومعادلة القتال على جبهتين
تشهد محاولات الضغط الجارية بهدف كسر عزيمة المقاومة الفلسطينية نقلة جديدة، تمثلت خلال الشهور السابقة، بتحضير الوجه «الداعشي» للفاشية الجديدة للدخول إلى الساحة الفلسطينية، من بوابة قطاع غزة، الخارج لتوه من انتصارٍ عسكري على آلة الحرب الصهيونية.
بعد ساعاتٍ قليلة على إعلان رئيس هيئة «الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأمريكية»، الجنرال مارتن ديمبسي، نيته زيارة الكيان الصهيوني، تبنت «سرية الشيخ عمر حديد» المحسوبة على «داعش» إطلاق ثلاثة صواريخ على مستوطنة «نتيفوت» شمال «عسقلان». العدو الصهيوني، بدوره، رد بقصف أهداف عدة في القطاع بعضها يتبع إلى «كتائب القسام».
ولم يكن «الرد» العسكري الصهيوني لينتهي، حتى خرج وزير «الأمن» الصهيوني، موشيه يعلون، ليعلن الموقف السياسي المطلوب صهيونياً، والذي مفاده: «نعلم أن من يقف خلف إطلاق الصواريخ هي حركة سلفية مناوئة لحماس، لكننا لسنا مضطرين للانتظار، فحماس تتحمل كل ما يحدث في القطاع».
عند هذا الحد، يتبين ما يريده العدو الصهيوني، ومن خلفه الولايات المتحدة، جيداً، وهو أولاً: إشغال فصائل المقاومة الفلسطينية بالقتال داخل القطاع ضد المجموعات «الداعشية» التي باتت تصعِّد تدريجياً من وتيرة عملياتها العسكرية الصغيرة ضد فصائل المقاومة داخل القطاع. وثانياً: استنزاف فصائل المقاومة في غزة ما أمكن من خلال العمليات التي يشنها هؤلاء والتحكم بأهدافها. وثالثاً: فتح الإمكانية أمام العدو لخلق «ذريعة طويلة الأمد» فيما لو قرر شن عدوان جديد على القطاع. وتأتي عملية الانقسام الفلسطيني، لتزيد بعداً رابعاً للقيود والضغوط التي تتعرض لها فصائل المقاومة.
إن اضطرار الكيان الصهيوني إلى استحضار الفاشية الجديدة في غزة، أو خلقها استخباراتياً بمعاونة بعض القوى التي تريد إنهاء ظاهرة المقاومة ونجاحاتها، يأتي ليعبر عن عجزه الواضح في تحقيق «الانتصارات» وفقاً للطريقة السابقة التي شن فيها العدوان، وما تلاها من فشلٍ ذريع اعترفت به الأوساط الأمنية والعسكرية الصهيونية ذاتها. وهذا ما يحتم على القوى الوطنية في الداخل الفلسطيني، استكمال مهمتها في السعي لتحرير الأرض، وفق المتغيرات التي تطرأ على الاستراتيجية الصهيونية في الصراع مع قوى المقاومة في فلسطين والمنطقة، ووفق التحولات في المشهدين الدولي والإقليمي المنقلبة عن الموازين السابقة والجارية موضوعياً في غير المصلحة الأمريكية والصهيونية.