التحالف «الدولي- العربي»: أهداف معلنة وسرية

التحالف «الدولي- العربي»: أهداف معلنة وسرية

سرَّب المقربون من الوفد الحكومي العراقي إلى مؤتمر باريس الثاني، الذي عقد في الثاني من شهر حزيران الجاري، بأن التحالف «الدولي العربي» «منح رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، مهلة ثلاثة أشهر للإيفاء بوعوده السبعة، مقابل أربعة تعهدات من دول التحالف لدعم حكومته». 

يضيف المقربون أن العبادي «حصل على تعهد أمريكا وبريطانيا بالتضييق على الإعلام الجهادي، وعلى تعهد أمريكا وفرنسا وإيطاليا والسعودية بتجفيف منابع تمويل الاٍرهاب، فضلاً عن تعهد تركيا والناتو بالسيطرة على الحدود، وتعهد فرنسا وبريطانيا بإيقاف تدفق المهاجرين المقاتلين تجاه العراق وسورية... مقابل طمأنة «العرب السنة» بتسليح العشائر، وإقرار وتنفيذ قانون الحرس الوطني، وتفعيل ملف المصالحة الوطنية، وإلغاء مذكرات القبض القضائية التي صدرت بدوافع سياسية، سواء أكانت تحت عنوان الاٍرهاب أو النزاهة، وإقرار قانون العفو وإعمال ملف التوازن داخل الحكومة، وتحجيم الحشد الشعبي على مستوى التسليح والانفاق المالي والمشاركة في القيادة». وهي الوعود السبعة التي كان قد أخذها على عاتقه في مؤتمر باريس الأول، وأكدها لأوباما في اجتماعه معه.

حاولت الحكومة العراقية التخفيف من وطأة النتائج الوخيمة لمؤتمر باريس الأول، والشروط المجحفة لمؤتمر باريس الثاني، وذلك عبر انتقاد خفيف لأداء «التحالف الدولي»، ودعوة المجتمع الدولي للوقوف إلى جانب العراق في معركته ضد الإرهاب، إذ أن «المجتمع الدولي خذل العراق. والجيش تلقى القليل من الأسلحة والعتاد رغم تعهدات التحالف.. وأطراف التحالف لا تزود القوات العراقية بمعلومات جوية كافية لوقف تقدم داعش.. وإن الضربات الجوية التي تنفذها طائرات التحالف الدولي مفيدة، لكنها ليست كافية»، حسب مفرات ومضامين العبادي في تصريحاته داخل المؤتمر وعلى هامشه. وكان قد سبق ذلك اعتراف الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، ضمنياً، بفشل «التحالف الدولي»، إذ أعلن عشية انعقاد مؤتمر باريس أن «تدفق المسلحين زاد بنسبة 70% بين منتصف عام 2014 وآذار 2015».

في موازاة ذلك، جاء قيام سلاح الجو السعودي باختراق الأجواء العراقية في قضاء النخيب- المتنازع عليه عراقياً، لما يمثله من أهمية ديموغرافية واستراتيجية-  ليعطي إشارة واضحة عن الأهداف غير المعلنة لـ«التحالف»، تحت غطاء «محاربة داعش».

وفي هذا السياق، تأتي الدعوات ذات الطابع الشعبي والمحلي لقتال «داعش»، لتعبر عن مواقف وطنية كان قد رسخها الشعب العراقي منذ أيام الاحتلال البريطاني للبلاد. والجدير بالذكر أن الدعوات المضادة التي تحاول التغطية على العدوانية الأمريكية اليوم، تعود إلى السلالات ذاتها التي أصدرت سابقاً الفتاوى لإبادة الشيوعيين العراقيين، بتعاونٍ مباشر مع المخابرات الأمريكية للانقضاض على حكومة ثورة 14 تموز المجيدة.

ومن هنا, جاء موقف اليسار العراقي من هذه الدعوات المحلية، بما فيها بعض المرجعيات المحترمة، التي لها أتباع من مختلف الأديان والطوائف, والتي استجابت لما أملاها عليها واجبها الوطني والإنساني، في الدعوة للتصدي ضد الغزو الأمريكي والاحتلال البريطاني والاستبداد الداخلي. وما تطوع أبناء الشعب العراقي في المقاومات المحلية سوى تعبير عن التلاقي الوطني الجامع في جبهة الدفاع عن الوطن لمواجهة جبهة أتباع الغزاة.

أما المرجعية الوحيدة لليسار العراقي فهي الشعب العراقي, باعتباره مصدر السلطات, ومنبع سياساتنا كحركة ثورية تكافح من أجل حرية الوطن وسعادة شعبه، وتتصدى للمواقف المتعارضة مع مصلحة الشعب بكل قوة، كما تلك المواقف التي ساعدت في إسقاط حكومة جمهورية ثورة 14 تموز، التي أدت إلى استشهاد الزعيم الشهيد، عبد الكريم قاسم، وإخوته ورفاقه، والرفيق المناضل، سلام عادل، والآلاف من الشيوعيين والوطنيين العراقيين, وهو الانقلاب الذي أدخل العراق في أربعة عقود من الدكتاتورية والفاشية والحروب الداخلية والخارجية والحصار الطويل الظالم، وما تلاه من ويلات جلبها الاحتلال الأمريكي في 9/4/2003.

 

*منسق التيار اليساري الوطني العراقي