«داعش» إلى خاصرة بغداد؟

«داعش» إلى خاصرة بغداد؟

فوجئ صناع القرار السياسي والعسكري العراقي بالهجوم، متعدد الجبهات، الذي شنه «داعش» على مصفاة بيجي (أكبر مصفاة للنفط في العراق)، وعلى الدجيل جنوب تكريت- وهو الهجوم الثالث من نوعه خلال ثلاثة أسابيع- فضلاً عن مناطق في الرمادي، حيث هربت شرطة المحافظة، وقوامها 23000، وتبخر ما يسمى بـ«حشد العشائر المحلي». 

كل ذلك، دفع  قائد «الفرقة الذهبية»، اللواء فاضل برواري، للتوجه بقواته إلى الرمادي بهدف استعادة السيطرة على الموقف, خصوصاً بعد انتشار الإشاعات «الداعشية» التي أدت إلى نزوح الأهالي باتجاه بغداد, متهماً «شرطة وعشائر وصحوات الرمادي بتسليم مناطقهم إلى الدواعش»، مستثنياً «عشيرة البوفهد الصامدة في وجه هجوم داعش»، فيما طالب أعضاء البرلمان الممثلون لهذه المناطق بـ«ترك التصريحات غير الصحيحة لوسائل الإعلام، والحضور إلى الرمادي الخالية تماماً من مواطنيها والدواعش».

من جهته، دعا رئيس مجلس النواب، سليم الجبوري، العراقيين إلى «مؤازرة إخوانهم في الأنبار، فأمن هذه المحافظة من أمن بغداد، وهي تمثل خاصرتها الغربية.. حين يكون الإرهابيون في آخر نقطة من الأنبار شرقاً، فهذا يعني أنهم على مرمى حجر من قلب بغداد»

هذا، واضطر «مجلس جماعة علماء الأنبار»- بعد تردد طويل، ونتيجة لخطورة الموقف- إلى «إعلان الجهاد»، وقال المتحدث باسم المجلس، الشيخ عبد الرحمن الغنام: «أطلقنا فتوى الجهاد العلني ضد عصابات داعش الإرهابية لتحرير المحافظة بشكل كامل، وإعادة العوائل النازحة إلى المحافظة»، واتهم بعض الأطراف السياسية بأنها «ما تزال تعتقد أن عدم استقرار الأنبار يدعم موقفها ويرفع من شعبيتها»، وأنها «تهدف إلى عزل الأنبار عن المحيط العراقي، وخلق جو من الشحن الطائفي في البلاد». وكان رئيس «مجلس علماء ورجال دين الموصل»، الشيخ عبد الله العزاوي، قد أعلن في وقت سابق أن «الجهاد ضد عصابات داعش الإرهابية واجبٌ شرعي»، مبيناً أن «ما يجري من عمليات ذبح وقتل لا تمت لـ(أهل السنة) بصلة».

ومما زاد الطين بلة، هو اشتداد الصراع الدائر بين «الحشد الشعبي»، الذي اشترط قادته لمشاركته في تحرير الموصل عدم تدخل «التحالف الدولي» بقيادة الولايات المتحدة، وحكومة العبادي التي تبدو مترددة في اتخاذ القرارات نتيجة للضغوط الأمريكية المعرقلة لتطور مسار المعركة ضد «داعش» وطنياً.

في المؤتمر الصحفي الأخير للبنتاغون, قال الجنرال مارتن ديمبسي, رئيس «هيئة الأركان المشتركة», أن «استعادة السيطرة على الأنبار ليس أمراً مهماً للقيادة الأمريكية، وحتى العراقية»، مضيفاً أن «المدينة الصحراوية, بأية حال، لا تشكل رمزية بالنسبة لأمريكا, لأنها لم تعد جزءاً من الخلافة التابعة لمسلحي داعش, فضلاً عن أنها لا تشكل تهديداً لمستقبل العراق».

هذا الموقف الأمريكي، الذي إذا ما أُخذ في سياق مجموعة المواقف الأخرى (عدم تسليح الجيش, وإيصال العتاد والمواد لداعش عن طريق «الخطأ»، وضرب القوات العراقية بـ«الخطأ» أيضاً, والسماح لقوافل داعش العسكرية  بالمرور الآمن على طول الطرق والمناطق المكشوفة بين سورية والعراق, ودعم الشخصيات السياسية المرتبطة بالسعودية وتركيا وقطر كالنجيفي) فإنه يشير بوضوح إلى هدف أمريكي بإيصال «داعش» إلى خاصرة بغداد من جهة الرمادي، لإدامة القتل والفوضى، ونهب النفط أطول فترة ممكنة، حتى الاعلان عن تشكيل جيوش المحافظات، المسماة بـ«الحرس الوطني»، وتقسيم العراق إلى فيدراليات.

ولعلَّ تداعيات عملية قتل الدوري، وتكشُّف ارتباطات قوى وشخصيات في الحكم به, قد أجبرت تلك الأخيرة على التحرك السريع للحصول على غطاء سعودي- أردني مدعوم أمريكياً، لاستدعاء قوات عربية إلى الأنبار, إذ لا تخرج زيارة النجيفي والجبوري والمطلك للأردن عن هذا السياق.

 

*منسق التيار اليساري الوطني العراقي