إيطاليا: ثالث قوة أوروبية.. سابع مدين عالمي
يلحظ المتتبع للوضع الإيطالي تصاعد الاحتقان الشعبي ضد سياسات التهميش الليبرالية، وأن اقتصاد إيطاليا بات مهدداً بالانهيار جدياً، بالتوازي مع تقديمه لأجور زهيدة للغاية لكل المعطلين الباحثين عن أي عمل أياً كان مردوده، ما يسهم في زيادة تشويه بنية الاقتصاد الإيطالي ودورانه.
بالرغم من تصنيفها كثالث أكبر قوة اقتصادية في الاتحاد الأوروبي، تعاني إيطاليا من أزمات داخلية حادة بفعل خطط التقشف التي فرضها «صندوق النقد الدولي» منذ عام 2011، وينحدر اقتصادها نحو التدهور بشكل أكبر.
السابعة عالمياً في مستوى الديون
تفاقمت أزمة الديون في إيطاليا مع الأزمة الاقتصادية في عام 2008، حيث بلغت نسبة الدين الإجمالي 130% من الناتج المحلي، أي ما يوازي 1900 مليار يورو، ونظراً لأن معظم هذه الديون محلية، فإن هناك مخاوف من اندلاع أزمة جديدة في عام 2015، حيث لم تعد البلاد قادرة على الوفاء بالتزاماتها، حسب موقع «ذا ريتشست»، الذي نشر تقريراً يضم الدول الأعلى مديونية حول العالم، وذلك عبر قياس الدين العالمي، كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي في شباط 2015.
في 2011، قرر «صندوق النقد الدولي» وضع إيطاليا تحت المراقبة، بسبب تدهور اقتصادها وتنامي ديونها، وبعد 4 سنوات من خطط التقشف الليبرالية، لم تقم هذه الخطط بتخفيض للديون الإيطالية، بل زادت نسب الفوائد على هذه الديون بشكل كبير، حيث لن تستطع إيطاليا دفع ديونها ما بين 2016 – 2026، حسب تقديرات جديدة.
وفي محاولة لوقف أزمة الديون، اعتمدت الحكومة الإيطالية خطة تقشف صارمة، كما عمدت إلى تعزيز «خطة العلاج» التقشفية، لتتيح للبلاد التوصل إلى شبه توازن مالي في 2014، لكن ذلك لم يحدث! وجرى تشديد الإجراءات المتعلقة بمعاشات التقاعد، مع تطبيق «إصلاح» يقضي برفع سن التقاعد اعتباراً من 2013، وفقاً لمتوسط العمر، وفرضت ضرائب جديدة ورفعت كل الضرائب والرسوم السابقة في التعليم والصحة والخدمات البلدية والكهرباء والتدفئة وغيرها.
41% من شباب إيطاليا بلا عمل
تتفاقم أزمة البطالة الإيطالية في ظل مستويات غير مسبوقة منذ 40 عاماً. فلغاية تشرين الثاني 2014، بلغت نسبة البطالة 12.7%، بينما وصلت البطالة بين الشباب إلى أعلى مستوياتها حيث فاقت 41% مما يضطر الشباب لمغادرة البلاد والهجرة بسبب الأوضاع الاقتصادية السيئة للغاية.
هذا، وكانت نسبة البطالة تبلغ 6.2% عام 2007، لكنها ارتفعت بعد خطط التقشف وتدخل صندوق النقد الدولي إلى 8.4 % عام 2011، لتفقر الأزمة الاقتصادية أكثر من مليون و400 ألف إيطالي عام 2013 فقط. وعلى الغرار ذاته، فإن أكثر من ثمانية ملايين إيطالي، أي أكثر من ثلث قوة العمل الإيطالية، يكسبون أقل من 700 يورو شهرياً، وأغلبهم من شريحة الشباب والخريجين الجدد الأكثر تضرراً.
مئة مليون يورو يومياً..!
في موازاة الحراك الشعبي الصاعد في إيطاليا، يشهد البرلمان الإيطالي تجاذباً بين أعضائه حول عضوية إيطاليا في حلف «الناتو»، حيث تكلِّف هذه العضوية إيطاليا أكثر من مليوني يورو يومياً، حسب تأكيدات أعضاء من البرلمان الإيطالي، المؤيدين لخروج البلد من الحلف.
في المقابل، تشير حملة «لا للحرب.. لا للناتو» إلى أن الأرقام الدقيقة هي أكثر من ذلك بكثير: «ففي حال أضفنا تكلفة القوات الجوية الإيطالية، فإن هذا المبلغ سيصل إلى 100 مليون يورو يومياً. إذ يتم قصف الأراضي على أيدي الناتو، أي أيدينا، مثل يوغوسلافيا والعراق وأفغانستان وليبيا».
ويؤكد المحلل، مانليو دينوتشي، أحد أعضاء الحملة أن «الحلف يساهم في هيمنة واشنطن، التي تملك 850 قاعدة عسكرية في أنحاء العالم جميعها. أما في إيطاليا وحدها، فتوجد 150 قاعدة لحلف الناتو.. الآن أصبحت روسيا مستهدفة، ومن ثم ستصبح الصين وغيرها من الدول الآسيوية عدو الحلف. نحن نقف على عتبة حرب يجب منعها». هذا، وجمعت الحملة أكثر من 6 آلاف توقيع، فضلاً عن أصوات كثيرة في البرلمان تؤيد خروج إيطاليا من «الناتو».