تعاون (بريكس) (خريطة جديدة) للاقتصاد العالمي
في نظامٍ دولي جديد يُبنى على أساس التبدل الحاصل في موازين القوى العالمية، تتصاعد مؤشرات التنسيق الاستراتيجي بين دول المحور الصاعد، سواء عبر تكتلاتها الجديدة كـ«بريكس»، أو من خلال العلاقات الثنائية بين دوله ودول أخرى.
في وقتٍ تدخل فيه دول «بريكس» طور التجهيز لعقد قمتها الجديدة، المنوي إجراؤها في مدينة أوفا الروسية أوائل تموز المقبل، تواصل دول المجموعة جهود التنسيق السياسي والاقتصادي فيما بينها ومع دول أخرى، والتي كان آخرها ما رشح عن زيارتي وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، ورئيس الوزراء اليوناني، أليكسيس تسيبراس، إلى موسكو التي ترأس هذا العام قمة «بريكس».
إعداد: قاسيون
حملت زيارة وانغ يي إلى روسيا تثبيتاً لعدة نقاط وثوابت في العلاقات الثنائية الروسية الصينية: النهج المتوازن في حل المشكلات العالمية عبر الحلول السياسية، وترسيخ اتفاق «الشراكة الاستراتيجية» الموقع بين روسيا والصين، ورسم أطر التعاون المستقبلي بين البلدين، فضلاً عن غيرها من مسائل العلاقات الاستراتيجية وتنسيق التحركات التكتيكية في إطار الصراع العالمي الجاري.
اتفاقات استراتيجية
قديمة وجديدة
في هذه الزيارة، كشف وزير الخارجية الصيني أن عدد الاتفاقات المبرمة بين بلاده وروسيا وصل إلى أكثر من 107 اتفاقات استراتيجية خلال العامين الماضيين، حيث جرى تنفيذ 55 منها، فيما يدخل 30 منها قيد التنفيذ حالياً، مع الإبقاء على التنسيق بين البلدين بهدف عقد اتفاقاتٍ أخرى تعكس مدى التقارب ومتانة التحالف بينهما، مؤكداً على أن العلاقات الروسية الصينية «دخلت مرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية».
وفيما أكد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، على أن العلاقات الثنائية حالياً تقع على مستوى عال غير مسبوق من التعاون، ذهب إلى إعادة التركيز على دعم موسكو وبكين لبنك «الاستثمارات في البنى التحتية الآسيوي»، مشدداً على أنهما سترفعان من نسبة الاعتماد على العملات الوطنية في التبادل التجاري، ولا تريان مانعاً أمام أعضاء منظمة «بريكس» للانضمام إلى ما سماها «الخريطة الجديدة للتعاون الاقتصادي» التي ستكون ملفاً أساسياً في القمة المقبلة.
اليونان و«الربيع الجديد»
في زيارة موازية، لم يرغب بها الاتحاد الأوروبي كثيراً، نجح رئيس الوزراء اليوناني، أليكسيس تسيبراس، بالتوصل مع روسيا إلى حلٍ يؤمن تجاوز الحظر الروسي المفروض على الواردات الغذائية من اليونان «دون الإخلال بقوانين الاتحاد الأوروبي»، وفيما أكد أن «العلاقات بين البلدين ستشهد ربيعاً جديداً»، قال تسيبراس، في حديثٍ خلال مؤتمر بـ«معهد العلاقات الدولية في موسكو»: «في القطاع التجاري حددنا أمس إمكانيات زيادة الصادرات اليونانية إلى روسيا».
بدوره، لفت الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى أن موسكو «مستعدة لتنفيذ مزيد من الاستثمارات في الاقتصاد اليوناني»، وأكد أن اليونان «لم تطلب من موسكو أي مساعدات مالية».
«بريكس» تشرع في
جمع الاحتياطي الأجنبي
على هامش اللقاء الروسي الصيني، رجح سفير المهمات الخاصة في وزارة الخارجية الروسية، فاديم لوكوف، خلال لقاءٍ صحافي، أن ينجح السعي الروسي لتصبح روسيا أول دولة في مجموعة «بريكس» تصادق على اتفاق احتياطي النقد الأجنبي في المجموعة.
وحول مساهمة دول المجموعة في هذا الاحتياطي، جرى الاتفاق بين الدول الأعضاء في قمة البرازيل التي جرى عقدها في تموز الماضي، أن تؤمن جنوب إفريقيا مبلغ 5 مليار دولار، فيما ستؤمن كل من روسيا والهند والبرازيل مبلغ 18 مليار دولار، أما الصين، فستتكفل بتأمين باقي المبلغ من أصل احتياطي عملات أجنبية مرصود يبلغ 100 مليار دولار. هذا، وستسمح عملية جمع الاحتياطي الأجنبي بتمكين الدول الأعضاء في «بريكس» بسد نقص السيولة لديها، بنسبٍ متفاوتة، بهدف حل المشاكل في ميزان المدفوعات لديها.